المشغوف بالعلم وتقديم الحسنات كشغف غيره بالأموال واللذات ، صديقك ومحبك ومؤثرك ، لا زالت عليه من الله واقية في دنياه ، فلقد هيأه ويسره لمنافع عباده ، وأجرى الصالحات على يده كثيرا ، وألحقه إذا دعاه بنبيه في أعلى عليين ، آمين . وبالله المستعان ، وعليه الاتكال .
6 - أما قولك : إنك تتناول في خلال ما تتناول بضروب من السياسة فحسن جدا ، جعلنا الله وإياك من الداعين إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة .
7 - ومن اعجب ما مر بي منذ دهر قولك في كتابك : إنه بلغك عني أني أقول عنك إنك تقول : لا إدام إلا الخل ؛ من أجل حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ' نعم الإدام الخل ' ( 1 ) . فاعلم - يا أخي - انه قد ساءني هذا جدا أن أكون عندك بهذا المحل ، وأقل ما أقول لك : والله الذي لا أقسم بسواه - ولو علمت أعظم من هذا القسم لأقسمت به لك ، وأعوذ بالله أن أعتقد في العالم قسما غيره ، فكيف مثله ، فكيف أشد منه - إن كنت قط سمعت هذه المقالة من أحد من خلق الله تعالى يحيكها لي عنك ، ولا رأيتها عنك في كتاب ، ولا طنت على أذني حتى رأيتها في كتابك ، فكيف أن أحكيها عنك ، فأستجيز الكذب البحت عليك ! حاشا الله من هذا . وليس هذا النص من دليل الخطاب ، إنما كان يمكن أن يتأول على من يقول بدليل الخطاب : لا نعم الإدام إلا الخل . وأما القطع بان لا إدام غيره ، فليست هذه القضية مقتضية هذه الاخرى ؛ فبالله ما أعرضت عن كل شرير يريد أن يسمع الناس سبهم على ألسنة [ 92 / أ ] غيرهم .
8 - ورأيت المدرجة ووقفت عليها . أسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن يستمع القرآن والقول فيتبع احسنه ، والجملة التي أوردت من قولي فيها فهو قولي أيضا . وكذلك وقفت على الفصول التي ذكرتني بها ، أحسن الله جزاءك على ذلك ، فهكذا تكون الناس .
9 - أولها قولك : انظر هل فرض الله تعالى النظر أم لا ( 2 ) فجوابي إنه لم يفترض قط في التوحيد وصحة النبوة وجميع الشرائع ، النظر ؛ بل إنما افترض في كل ذلك اتباع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقط . ولو فرضه الله تعالى فيها ، ما جاز قبولها
পৃষ্ঠা ১৯০