عندي أنه ألفها في مكة، إذ كتب إليه عبد الرحمن بن مهدي (^١) " وهو شاب أن يضع له كتابا فيه معاني القران. ويجمع قبول الاخبار فيه، وحجة الاجماع وبيان الناسخ والمنسوخ من القران والسنة. فوضع له كتاب الرسالة " (^٢) وقال علي بن المديني: " قلت لمحمد بن أدريس الشافعي أجب عبد الرحمن بن مهدي عن كتابه، فقد كتب إليك يسألك، وهو متشوق إلى جوابك. قال:
فأجابه الشافعي، وهو كتاب الرسالة التي كتبت عنه بالعراق، وإنما هي رسالته إلى عبد الرحمن بن مهدي " (^٣). وأرسل الكتاب إلى ابن مهدي مع الحرث بن سريج النقال الخوارزمي ثم البغدادي، وبسبب ذلك سمي " النقال " (^٤).
والظاهر عندي أن عبد الرحمن بن مهدي كان إذ ذلك في بغداد، دخلها سنة ١٨٠، ولكن الفخر الرازي يقول في كتاب مناقب الشافعي (ص ٥٧):
" اعلم أن الشافعي رضى الله عنه صنف كتاب الرسالة ببغداد، ولما رجع إلى مصر أعاد تصنيف كتاب الرسالة، وفي كل واحد منهما علم كثير ". وأياما كان فقد ذهبت الرسالة القديمة، وليس في أيدي الناس الان إلا الرسالة الجديدة، وهي هذا الكتاب. وقد تبين لنا من استقراء كتب الشافعي الموجودة التي ألف بمصر أنه ألف هذه الكتب من حفظه، ولم تكن كتبه كلها معه. انظر إليه يقول في كتاب الرسالة (رقم ١١٨٤). " وغاب عني بعض كتبي، وتحققت بما يعرفه أهل العلم مما حفظت، فاختصرت خوف طول الكتاب، فأتيت
_________
(^١) عبد الرحمن بن مهدي الحافظ الامام العلم، قال الشافعي: لا أعرف له نظيرا في الدنيا.
ولد سنة ١٣٥ ومات في جمادي الاخرة سنة ١٩٨.
(^٢) رواه الخطيب باسناده في تاريخ بغداد (٢: ٦٤ - ٦٥) وسيأتي في السماعات برقم (٥٢) ورواه أيضا البيهقي باسناده، نقله عنه ياقوت في معجم الادباء (٦: ٣٨٨ - ٣٨٩).
(^٣) رواه الحافظ ابن عبد البر باسناده في الانتقاء (ص ٧٢ - ٧٣).
(^٤) الانتقاء (ص ٧٢) والانساب (ورقة ٥٧٦) وطبقات الشافعية (١: ٢٤٩).
المقدمة / 11