والثاني باطل لوجوه:
أحدها: أنه لو كان مريدا لجميع الكائنات، ومن جملتها القبايح، لكان مريدا للقبايح، وإرادة القبيحة قبيحة (103)، والله تعالى لا يصدر عنه القبيح، فلا يكون مريدا للقبايح (104)، ولو كان كارها لجميع ما لم يوجد، ومن جملته الطاعات، لكان كارها للطاعة، وكراهة الطاعة قبيحة، والله تعالى لا يصدر عنه القبيح.
وثانيها: أنه لو كان مريدا لجميع الكائنات، وكارها لجميع المعدومات، لكان آمرا بما لا يريد من الطاعة المعدومة (105)، وناهيا عما يريده من القبايح الموجودة. وأمر الانسان بما يكرهه (106)، ونهيه عما يريده، قبيح عند العقلاء، والله تعالى لا يصدر عنه القبيح على ما تقدم.
وثالثها: قوله تعالى: * (كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها (107)) *، فقد أثبت كراهة هذه القبايح، وهو يخالف مذهبهم.
ورابعها: أنه لو كان مريدا الكفر من الكافر، والمعصية من العاصي، لكانا مطيعين لله تعالى، حيث فعلا مراد الله تعالى، ولو كره الإيمان والطاعة منهما، لكانا مطيعين له، حيث تركا ما يكرهه الله تعالى، وهو محال.
وخامسها: كيف يريد الله تعالى الكفر من الكافر ثم يعاقبه عليه؟ وكيف يكرهه الإيمان، ثم يعاقبه على تركه (108)؟
পৃষ্ঠা ৬০