রিসালা ইলা আহলে থুঘর
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
তদারক
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
প্রকাশক
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
সংস্করণের সংখ্যা
١٤١٣هـ
প্রকাশনার স্থান
المملكة العربية السعودية
জনগুলি
ধর্ম এবং মতবাদ
وقال: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ١، فبين بذلك تعالى أن الأشياء المخلوقة تكون شيئًا بعد أن لم تكن بقوله وإرادته.
وأن قوله غير الأشياء المخلوقة من قبل أن٢ أمره تعالى للأشياء وقوله لها كوني، لو كان مخلوقًا لوجب أن يكون قد خلقه بأمر آخر، وذلك القول لو كان مخلوقًا (لكان مخلوقًا) ٣ بقول آخر، وهذا يوجب على قائله أحد شيئين: إما أن يكون كل قول محدث قد تقدمه قول محدث إلى ما لا نهاية له، وهذا قول أهل الدهر بعينه، أو يكون ذلك القول حادثًا بغير أمره ﷿ له، فبطل معنى الامتداح بذلك٤.
وقد نص على هذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁ بحضرة أوليائه من الصحابة وأعدائه من الخوارج لما أنكروا عليه التحكيم فقال: والله ما حكمت مخلوقًا وإنما حكمت كلام الله٥، فلم ينكر ذلك عليه أحد من الصحابة الذين يوالونه، ولا أحد من الخوارج الذين يعادونه، ولا روي عن أحد منهم خلاف له في ذلك.
_________
١ سورة يس آية: (٨٢) .
استدل الأشعري بهذه الآية أيضًا على إثبات صفة الكلام لله تعالى، وقد استدل بها البخاري أيضًا للغرض نفسه في كتابه خلق أفعال العباد، وذكرها أيضًا عقب استدلاله بالآية السابقة التي استدل بها الأشعري. انظر كتابه ص١٣٦.
كما بوب البخاري في الصحيح بما يشبه هذه الآية وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ انظر كتاب التوحيد باب ٢٩، والإبانة ص١٩.
ووجه الاستدلال من الآية: أن الله خلق الخلق بقوله: "كن" فلا يمكن أن يكون مخلوقًا، لأن المخلوق لا يخلق، وهو أمر مسلم به.
وقال ابن أبي حاتم: "حدثنا أبي قال: قال أحمد بن حنبل دل على أن القرآن غير مخلوق حديث عبادة: أول ما خلق الله القلم فقال اكتب... الحديث. قال: إنما نطق القلم بكلامه لقوله: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ . قال: فكلام الله سابق على أول خلقه فهو غير مخلوق". (انظر فتح الباري ١٣/٤٤٣) .
٢ ساقطة من (ت) .
٣ ما بين المعقوفتين ساقط من (ت) .
٤ ما ذكره الأشعري هنا أشار إليه في الإبانة ص٢٠ وما بعدها، وإلزامه لهم بما ألزمهم به حق لا يستطيعون الفرار منه، ولقد ألزمهم الربيع بن سليمان بشيء من ذلك أيضًا فقال: "خلق الله الخلق كله بقوله "كن" فلو كان "كن" مخلوقًا لكان قد خلق الخلق بمخلوق وليس كذلك". (انظر فتح الباري ١٣/٤٤٣، وانظر أيضًا الرد على الجهمية للإمام أحمد ص٣٦) .
٥ قال اللالكائي: "روي عن علي ﵁ أنه قال يوم صفين ما حكمت مخلوقًا، وإنما حكمت القرآن، ومعه أصحاب رسول الله ﷺ ومع معاوية أكثر منه فهو إجماع بإظهار وانتشار وانقراض عصر من غير اختلاف ولا إنكار". ثم قال: "وعن ابن عباس وابن عمر وابن مسعود مثله". (انظر أصول اعتقاد أهل السنة ١/٢٢١) .
ثم ساق اللالكائي ثلاث روايات فيها نسبة هذا القول إلى علي اثنتان من طريق "عمرو بن جميع" وقد كذبه ابن معين، وقال الدارقطني وجماعة: متروك الحديث، وقال ابن عدي: يتهم بالوضع، وقال البخاري منكر الحديث. (انظر ميزان الاعتدال ٣/٢١٥ طبعة الحلبي بالقاهرة) .
والأثر الثالث فيه عتبة بن السكن. قال فيه الدارقطني: متروك الحديث. (انظر ميزان الاعتدال ٣/٢٨) .
وقد ذكره البيهقي بالإسناد نفسه وقال عقبه: "هذه الحكاية شائعة فيما بين أهل العلم ولا أراها شاعت إلا عن أصل". (انظر الأسماء والصفات ص٣١٣) .
قلت: هذا غير لازم، وقد شاعت الأحاديث الموضوعة والباطلة، ومع هذا فليس لها أصل، وشيوع الشيء لا يدل على صحته، والعبرة في ذلك ثبوت الدليل وصحته. وهذه الآثار مع ضعف أسانيدها إلا أن معناها ثابت وصحيح.
وبعد هذا العرض، وبيان مذهب السلف في هذه الصفة يتبين لنا أن ما عليه الأشاعرة اليوم من قولهم بأن القرآن عبارة عن كلام الله، وليس هو كلام الله، خطأ واضح، ولم يكن السلف يعتقدون ذلك، ومعهم الأشعري بعد عودته إلى المذهب السلفي.
ويذهب ابن تيمية إلى أن ابن كلاب هو أول من قال في الإسلام هذه المقالة، فأخذ بذلك بنصف قول المعتزلة ونصف قول أهل السنة، ثم جاء بعده أبو الحسن الأشعري فسلك مسلكه في إثبات أكثر الصفات وفي مسألة القرآن أيضًا، واستدرك عليه قوله: بأن القرآن حكاية عن كلام الله، وقال المناسب أن نقول: عبارة عن كلام الله. (انظر مجموع الفتاوى ١٢/٢٧٢) .
أما ما استقر عليه الأشعري وكانت عليه خاتمته في الاعتقاد هو ما ذكره هنا وفي الإبانة والمقالات من أن القرآن كلام الله حقيقة، وكتبه أمامنا ناطقة بذلك وتأمل قوله في الإبانة: "والقرآن مكتوب في مصاحفنا في الحقيقة، مسموع لنا في الحقيقة كما قال ﷿: ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ ". (الإبانة ص٢٩) .
وتأمل أيضًا قوله: "ولا يجوز أن يقال أن شيئًا من القرآن مخلوق؛ لأن القرآن بكماله غير مخلوق" (الإبانة ص٣٠) .
وعليه أقول: ينبغي لكل أشعري يسلك مذهب شيخه أن يقف على معتقده الذي لقي الله عليه وأن يقول به ولا يفتري عليه فينسب إليه ما تبرأ منه، وقد بينت ذلك في المقدمة.
1 / 126