[رسالة في الرد على الهاتف من بعد]

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله

- 3 - رسالة في الرد على الهاتف من بعد

بسم الله الرحمن الرحيم : من علي بن أحمد إلى الهاتف من بعد دون أن يسمى أو ( 1 ) يعرف ( 2 ) :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة على محمد خاتم النبيين ، وعلى ملائكة الله المقربين وأنبيائه المرسلين ( 3 ) ، ثم السلام على أهل الإسلام ، فإن كنت منهم أيها المخاطب فقد شملك ما عمهم ، وإن لم تكن منهم فلست أهلا للسلام عليك . أما بعد : فإن كتابين وردا علي لم يكتب كاتبهما اسمه فيهما ، فكانا كالشيء المسروق المجحود ، وكابن الغية المنبوذ ، كلاهما تتهاداه الروامس ، بالسهب الطوامس ، فاجبنا عن الأول بما اقتضاه سفه كاتبه ، وهذا جوابنا عن الثاني .

1 - أما استعاذته بالله من سوء ما ابتلانا الله به - فيما زعم - من الطعن على سادة المسلمين ، وأعلام المؤمنين ، وقذفنا لهم بالجهل ، والقول في دين الله تعالى بما لم يأذن الله به ، فليعلم الكذاب المستتر باسمه ، استتار الهرة بما يخرج منها ، انه استعاذ بالله تعالى من معدوم ؛ حاشا لله أن يكون منا طعن على أحد من أعلام المؤمنين وسادة المسلمين ، أو أن نقذفهم بالجهل ، أو أن نقول في دين الله بما لم يأذن به الله ، وإنما وصمنا ( 4 ) بذلك جسارة وحيفا فيما ( 5 ) نسب ، وصم جيل ( 6 ) معرضين عن القرآن والسنن ، متدينين بالرأي والتقليد ، لا يعرفون غيره ، مخالفين لكل إمام سلف أو خلف .

পৃষ্ঠা ১১৯

وأما من كان مجتهدا مأجورا أجرا أو أجرين فليس ممن يهمل لسانه ويطلق كلامه ، بما ضرره عليه عائد في الدنيا والآخرة .

2 - ثم قال : ' فلم تقنع ( 1 ) بهذا المقدار في من هو في عصرنا ، ومن كان قبل ذلك من علماء المسلمين ، حتى تخطيت إلى أصحاب نبيك محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وقلت إنهم ابتدعوا من الرأي ما لم يأذن به الله تعالى لهم ، وأحدثوا بعد موت نبيهم صلى الله عليه وسلم ما لا يجوز ' . قال علي : فاعلم أيها السافل أنك قد كذبت ، وما يعجز أحد عن الكذب إذا ( 2 ) لم يردعه عن ذلك دين أو حياء . معاذ الله من أن ننسب إلى الصحابة شيئا مما ذكرت ، فكيف هذا ونحن نحمد ( 3 ) الله تعالى على ما من به علينا من الجري ( 4 ) على سنتهم : من ترك التقليد ورفض القياس واتباع القرآن والسنن ، وإنما الواصف لهم بما ذكرت من راء أن أقوالهم لا ينبغي أن تكتب ، وفتاويهم لا يجب أن تطلب ، وانهم كلهم أخطأوا إلا فيما وافق تقليده فقط ، فهذا هو الذي لا يقدر أحد على إنكاره من فعلكم لشدة اشتهاره ، والحمد لله رب العالمين .

3 - ثم قال : ' فليت شعري إذا كان ذلك كذلك عندك ، فسنن النبي ، صلى الله عليه وسلم : نقل من تقبل ( 5 ) فيها ' قال علي : فقد قلنا لك إنك تكذب فيما نسبت إلينا ، ونحن نقبل ديننا عن الصحابة ، رضي الله عنهم ، وهم حجتنا فيما نقلوه إلينا ، وفيما أجمعوا عليه وإن لم ينقلوه مسندا ، ثم عن التابعين ، وأفاضل الرواة ، وهكذا عمن بعدهم من المحدثين ، فعن هؤلاء نأخذ ديننا ، ونقبل سنتنا . ولكن ، أيها الجاهل ، أما أنت وضرباؤك فقد استغنيتم عن القرآن ، واكتفيتم بالتقليد عن سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما تتعنون ( 6 ) في نقل سنة ، ولا تشتغلون بحكم آية ، وهذا أمر لا تقدرون ( 7 ) على جحوده ؛ فليت شعري ، من إمامكم في هذه الطامة وعن من

পৃষ্ঠা ১২০

بلغكم انه قال : استغنوا بالرأي عن القرآن ، ومعاذ الله أن يقول هذا أحد من المسلمين لا سالف ولا خالف ؛ وأما نحن فلا نفني ليلنا ونهارنا ، ولا نقطع أعمارنا ولله الحمد كثيرا ، إلا بتقييد أحكام القرآن ، وضبط آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة أقوال الصحابة ، رضى الله عنهم ، والتباعين والفقهاء مكن بعدهم - رحمة الله على جميعهم - لا تقدر على إنكار ذلك ، وإن رغم انفك ، ونضجت كبدك غيظا . وطريقتنا هذه هي طريقة علماء الأمة دون خلاف من أحد منهم .

4 - ثم قال : ' أنائم أنت أيها الرجل بل مفتون جاهل [ أو متجاهل ] ' . قال علي : فما نحن ، ولله الحمد ، إلا أيقاظ إذا استيقظنا ، ونيام إذا نمنا . وأما الفتنة فقد أعاذنا الله منها ، وله الشكر واصبا ، لأننا لا نتعصب ( 1 ) لواحد من الفقهاء على آخر ، ولا نثبت إلى أحد دون رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا نتخذ دون الله ولا رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، وليجة ، وكيف لا نقطع بذلك وقد وفقنا الله تعالى لملة الإسلام ، ثم لنحلة أهل السنة أصحاب الحديث ، ثم يسرنا لاتباع القرآن وسنن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وإجماع المسلمين ، إذ أحدثت وضرباءك سبيل الرأي والتقليد ، وأضربت عن القرآن والسنة . فأنت المفتون الجاهل حقا ، إذ تنكر على من اتبع القرآن والسنة وإجماع الأمة . وهذه هي الحقائق التي يقطع كل مسلم على أنها الحق عند الله عز وجل ، وأما وصفك لنا بالجهل ، فلعمري إننا لنجهل كثيرا مما علمه غيرنا ، وهكذا الناس ، وفوق كل ذي علم عليم . وأما قولك ' متجاهل ' فلعلها صفتك ، إذ قامت حجة الله عليك ، وأعرضت عنها لعمى قلبك ، فنعوذ بالله مما ابتلاك به ، ونسأله الثبات على ما أنعم به علينا من الحق .

5 - ثم قال : ' [ ومثلك ] قد انطوى على خبث سريرة وأبدى بلفظه ما يجنه ويستره ' ( 2 ) . قال علي : فنحن نقول : لعن الله الخبيث السريرة ، وإنما يعلم السرائر خالقها والمطلع عليها تعالى ثم الذي يسرها لكن ظاهره مبد عن باطنه . فمن أعلن باتباع كلام الله عز وجل ، والسنن المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإجماع المسلمين ،

পৃষ্ঠা ১২১

فذلك دليل على طيب سريرته ، ومن اعرض عن القرآن والسنن وعادى ( 1 ) أهلها واتكل على التقليد ، وخالف الإجماع ، فهذا برهان على خبث سريرته وفساد بصيرته ، ونعوذ بالله من الخذلان .

6 - ثم قال : وما أرى هذه الأمور إلا ( 2 ) من تعويلك على كتب الأوائل والدهرية وأصحاب المنطق وكتاب إقليدس والمجسطي ، وغيرهم من الملحدين . قال علي : فنقول ، وبالله تعالى التوفيق : اخبرنا ( 3 ) عن هذه الكتب من المنطق واقليدس والمجسطي : أطالعتها أيها الهاذر أم لم تطالعها فإن كنت طالعتها ، فلم تنكر على من طالعها كما طالعتها أنت وهلا أنكرت ذلك على نفسك وأخبرنا ما الإلحاد الذي وجدت فيها ، إن كنت وقفت على مواضعه منها . وإن كنت لم تطالعها ، فكيف تنكر ما لا يعرف أما سمعت قول الله عز وجل { فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم } ( آل عمران : 66 ) وقوله تعالى { وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم } ( النور : 15 ) ولك قلة اشتغالك بالقرآن وعهوده تعالى فيه ، سهل عليك مثل هذا وشبهه . ولو كان لك عقل تخاف به الشهرة ( 4 ) ، لم تتكلم في كتب لم تدر ما فيها .

7 - ثم خرج إلى السفه الذي هو أهله فقال : ' واعلم أن صورتك عندنا انك جمعت ثلاثة أشياء : قلة الدين ، وضعف العقل ، وقلة التمييز والتحصيل ' . قال علي : فليعلم هذا الجاهل السخيف وأشباهه أن هذه الصورة عندهم ( 5 ) لا عندنا ، وان ذمهم زين لمن ذموه ، ومدحهم غضاضة على من مدحوه لأنهم لا ينطقون عن حقيقة ، وإنما هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا . فليقل بعد ما شاء ، لكن نحن نوضح إن شاء الله تعالى [ أن ] هذه الصفات التي ذكر هي صفات كاتب الصحيفة الخاسئة ( 6 ) . أما قلة دينه : فاعتراضه بالجهل على القرآن ، وأما ضعف عقله : فكلامه فيما لا يحسن ، وأما قلة تمييزه وتحصيله : فتهديده من لا يحفل به .

পৃষ্ঠা ১২২

عوى ليروع البدرا ( 1 ) . . . وما كلب وإن نبحا

8 - ثم قال : ' أما قلة دينك فلما أظهرته من الطعن على الصحابة ، وتخطئتك ( 2 ) لهم وتسفيهك لآرائهم ' . قال علي : فقد كذب هذا ومضى جوابه وأنه هو الطاعن عليهم ، المخطئ لهم ، المسفه لآرائهم ، ببرهان لا إشكال فيه ؛ وأنه تارك لجميعهم إلا ما وافق تقليده ، فأي طعن على الصحابة ، رضي الله عنهم ، أعظم من هذا ! وأما تسفيهه لآرائهم ، فهو يعلم من نفسه ، وغيره يعلم منه ، أن رأيهم كلهم عنده في نصاب من لا يلتفت إليه ولا يعتد به في العلم ، إلا رأي من قلده دينه . فأي سفه أكثر من هذا وأي تخطئة لهم تفوقه ( 3 )

9 - ثم قال : ' وأما ضعف عقلك ، فلما ظننته بنفسك من انك قمت بإظهار الحق وبيانه ، وأنه قد صح لك منه ما لم يصح لصحابة نبيك ، صلى الله عليه وسلم ، ولا اهتدوا إليه ' . قال علي : فلو علم هذا المجنون الفاسق ، أن هذه صفته وصفة أمثاله لأعول على نفسه . فأول ذلك كذبه علينا أننا ندعي انه قد صح لنا من الحق ما [ لم ] يصح لصحابة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا اهتدوا إليه . وكيف هذا ولا نقول بغير السنن التي نقلوها إلينا ، وعرفوا بها ، ولا نتعداها . فكيف يصح لنا ما لم يصح لهم وليس عندنا شيء من الدين إلا من قبلهم ونقلهم فقد صح كذبه جهارا . وأما الصفة التي ذكر فصفته لأنه سلك تقليد مالك ، ولا يختلف اثنان أنه لم يكن قط في أصحابه ، رضي الله عنهم ، مقلد لأحد ، ولا موافق لجميع قول مالك حتى لا يحل عنه خلاف لشيء منها ، فقد صح يقينا أن هذا الجاهل ، كاتب تلك الصحيفة ، هو الذي يظن نفسه انه وقع من التقليد على علم غاب عن جميع الأمة ، فهو العديم العقل حقا ، نعوذ بالله من الخذلان ، ونسأله الهدى والتوفيق .

10 - ثم قال : ' وأنت إنما نبغت في آخر الزمان وفي ذنب الدنيا ، بعد البعد عن

পৃষ্ঠা ১২৩