مستدلا بها على كذب الحاكي، ولا غلطه.
ولو كان ما اعتمدت عليه اعتمادا لاستحال حكاية العربي بالفارسي، والفارسي بالنبطي، والعبراني بالسرياني، وبطلت جميع الحكايات المنظومة إذ كان ما حكى بها غير منظوم، وهذا يوجب أن لا يكون أحد من الشعراء المتقدمين ولا المتأخرين صدق في حكاية قضية مضت، وحكمة نقلت، وذكر كرم وجد، وفعل عجيب وقع، إلا إذا حكوه بألفاظه الجلية عينا، وذكروه على ترتيب التعبير سواء، وهذا ما لا نذهب إليه، ولا أحد من أهل النظر فنشتغل في الإطناب فيه.
فعاد صاحبي المتكلم أولا فقال: إن الذي أتيت به من شعر الأخطل فإنه وإن لم يكن أراد بقوله: " فأصبحت مولاها " الخلافة على ما قلت، وأراد قريشا على ما وصفت، فليسن أيضا فيه دلالة على ما ذهبت إليه، وذلك أنه أراد ب " مولى " أي ناصر قريش، ومن يجب أن ينصره قريش، والكميت فقد قلنا إنه لا يستحيل أن يكون اعتقد فضل أمير المؤمنين عليه السلام على الكل بما جرى يوم الغدير، فأوجب له الإمامة به لا من جهة القول.
فراسله الكلام صاحب المجلس ها هنا فقال: ويمكن أن يكون غلط وإن كان من أهل اللغة، وإن امرء القيس مع جلالته في معنى صاحبه قد غلطه جماعة في شئ ذكره عنه لم أحفظه في وقت أتياني هذه المسألة، وهو نفسه - أعني الكميت - قد غلط في قوله:
أبرق وأرعد يا يزيد * فما وعيدك لي بضائر (1) فلم ينكر غلطه في لفظة " مولى " وإن كان على الصفة التي هو عليها
পৃষ্ঠা ৩২