52
إذ يستطيع كل فرد، باستعمال هذا المنهج، أن يشك فيه ويعتبره باطلا من أوله إلى آخره، ولكني على العكس من ذلك، بينت أنني، بهذا المنهج، قد نجحت في حماية النصوص الواضحة والصحيحة من أن تحرف وتشوه بوساطة النصوص الباطلة التي يراد جعلها متفقة معها، وليس فساد بعض النصوص سببا في الشك في صحة النصوص كلها؛ إذ لا يسلم كتاب من الخطأ، فهل شك أحد في صحة كتاب بأكمله لوقوع بعض الخطأ فيه؟ لم يحدث ذلك مطلقا وخاصة إذا كان النص واضحا وفكر المؤلف مفهوما.
وبهذا أكون قد انتهيت من الملاحظات التي كنت أود إبداءها على أسفار العهد القديم، ومنها يظهر بوضوح أنه لم تكن هناك مجموعة مقننة من الكتب المقدسة
53 ⋆
قبل عصر المكابيين. أما الكتب المقننة الموجودة الآن فقد اختارها فريسيو المعبد الثاني من بين كثير غيرها وذلك بقرار منهم فحسب، وهؤلاء هم أيضا واضعو صيغ الصلاة؛ وعلى ذلك، فإن من يريد إثبات سلطة الكتاب عليه أن يثبت سلطة كل سفر. ولا يكفي إثبات المصدر الإلهي لأحد الأسفار كي نستنتج المصدر الإلهي للأسفار كلها، وإلا لكنا نسلم بأن الفريسيين لم يكن من الممكن أن يرتكبوا أي خطأ في اختيارهم للأسفار. وهذا ما لا يستطيع أحد إثباته مطلقا. أما السبب الذي يجعلني أسلم بأن الفريسيين وحدهم هم الذين اختاروا أسفار العهد القديم ووضعوها في المجموعة المقننة، فهو أولا نبوءة سفر دانيال (الإصحاح الأخير، الآية 2)
54
ببعث الموتى، وهو البعث الذي رفضه الصدوقيون، وثانيا ما أشار إليه الفريسيون أنفسهم بالتحديد في التلمود، فنحن نقرأ في رسالة السبت (الفصل 2، الورقة 30، ص2): «قال الحبر يهوذا المسمى ربي، أراد الأذكياء إخفاء سفر الجامعة لأن أقوالهم مناقضة لأقوال الشريعة (أي سفر شريعة موسى)، ولكن لماذا لم يخفوه؟ لأنه يبدأ طبقا للشريعة وينتهي طبقا للشريعة.» ويقول بعد ذلك بقليل: «وأرادوا أيضا إخفاء سفر الأمثال ... إلخ.» وأخيرا نقرأ في الرسالة نفسها (الفصل الأول، الورقة 13، ص2): «كان هذا الرجل المدعو نيخونيا
55
بن حزقيا مشهورا بحرصه وعنايته، إذ لولاه لاختفى سفر حزقيال لأن أقواله تناقض أقوال الشريعة.» ومن ذلك نرى بوضوح تام أن رجالا متفقهين في الشريعة قد اجتمعوا ليقرروا أي الأسفار يجب وضعها بين الكتب المقدسة، وأيها يجب استبعادها. وإذن فمن يريد التأكد من سلطة جميع هذه الأسفار، عليه أن يضع نفسه في هذا المجلس وأن يبدأ المداولات مطالبا بمعرفة أحقية كل منها بأن تكون له هذه السلطة.
والآن، حان الوقت لفحص أسفار العهد الجديد على النحو نفسه، غير أني أعلم أن رجالا على قدر كبير من العلم، وخاصة في علم اللغات قد قاموا بهذا العمل من قبل. أما أنا فليست لدي معرفة كاملة باللغة اليونانية كي أخاطر بمثل هذا العمل. وأخيرا، فليست لدينا النصوص الأصلية للأسفار المعروفة بالعبرية؛ لذلك أفضل ألا أخوض في هذا المجال،
অজানা পৃষ্ঠা