রিসালা ফি বায়ান কায়ফিয়াত ইনতিশার আদয়ান
رسالة في بيان كيفية انتشار الأديان
জনগুলি
قد ذكرنا فيما تقدم لمحا من حال النبي محمد
صلى الله عليه وسلم
قبل الهجرة وكيف أنه كان يدعو الناس إلى الإسلام بين جماهير الأعداء، الذين قاموا في وجهه بالمعارضة والرد وأخصهم قريش الذين هم قومه وعشيرته الأقربون، وما هو داعي الحسد الذي دعا هؤلاء إلى أن يكونوا من أشد المعارضين لدعوته المؤذين له ولمن تبعه من الناس، حتى عانى الصحابة منهم من المشقة وأصابهم من الفتنة ما أوجب هجرة كثير منهم إلى الحبشة وفيهم عثمان رضي الله عنه وعنهم أجمعين، ومع ذلك فقد كان النبي
صلى الله عليه وسلم
يخرج في كل موسم عند اجتماع العرب في مكة فيدعو القبائل إلى الإسلام فمنهم من كان يجادله ومنهم من يستمهله ومنهم من يرده ردا حسنا وبالعكس، ومنهم من يقبل دعوته سرا خشية أن يقال عنه أنه صبأ عن عبادة الأوثان أو خوفا من أن يناله من أذى قريش وأجلافها ما كان شأنهم مع المسلمين وعادتهم بالوقوف دون انتشار دعوة محمد عليه الصلاة والسلام، حتى إذا كان يوما كعادته يدعو القبائل إلى الإسلام لقي رهطا من الخزرج عند العقبة ودعاهم إلى الإسلام فأسلموا وبايعوه بيعة العقبة الأولى، ولما انصرفوا بعث معهم مصعب بن عمير وأمره أن يعلمهم القرآن فنزل بالمدينة على أسعد بن زرارة واجتمع به نفر من المسلمين، فسمع به سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فانطلق إليه هذا الثاني ليعلم أمره فدعاه إلى الإسلام فأسلم وتبعه سعد بن معاذ فأسلم أيضا، وأسلم معه جميع بني الأشهل في يوم واحد، وما زال مصعب يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم يبق دار من دور المدينة إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، ثم لما كانت بيعة العقبة الثانية وهاجر رسول الله
صلى الله عليه وسلم
إلى المدينة وامتنع بالأنصار عظم الأمر على قريش فأخذوا يثيرون عليه الخواطر هم ويهود قريظة والنضير من سكان المدينة وعواليها، فكان ذلك هو الباعث على وجوب مشروعية الجهاد في شريعته الغراء، حتى كان النبي
صلى الله عليه وسلم
يخرج بنفسه الشريفة إلى غزو القبائل تارة للتهديد حفظا لجماعة المسلمين من هجمات الهاجمين، وتارة لدفع القوة بمثلها حتى لا يكون في جانب المسلمين مطمع لجماهير الأعداء المخالفين، حتى إذا انكف عنه الأعداء واستقر الإسلام في الأرض كثر أتباعه وأخذت تفد عليه وفود مكة مسلمين مختارين كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة وغيرهم ممن أسلم قبل الفتح، لا سيما بعد عهدة الحديبية التي عقدت بين النبي
صلى الله عليه وسلم
অজানা পৃষ্ঠা