أرقاء قد أعدوا لعمل الخبائث المستقبحة المنكرة التي قضت بها خرافات القوم.
وقد أوجد العرف والاصطلاح في بعض البلاد أوقات للأرقاء يتفرغون فيها لأنفسهم طلبا للراحة، بل قد اجتهد واضعو الشرائع عندهم في تقليل إجحاف الموالي بمواليهم وتخفيف وطأة مظالمهم عليهم؛ قال هيرودوت:
7 «لا يجوز لأي فارسي أن يعاقب عبده على ذنب واحد قد اقترفه بعقاب بالغ في الشدة والصرامة.» ولكن إذا عاد العبد لارتكاب هذا الذنب بعد ما أصابه من العقاب، فلمولاه حينئذ أن يعدمه الحياة، أو أن يعاقبه بجميع ما يتصور من أنواع العذاب.
الفرع الرابع: في الاسترقاق عند الصينيين
قد أرخت الأيام سدالها، وألقت الليالي ستارها، على مبدأ ظهور الاستعباد بهاتيك البلاد،
8
فلقد كان الاستخدام للمنفعه العمومية موجودا بها قبل التاريخ المسيحي بأجيال طوال، يقوم به المحكوم عليهم والأسارى، ثم امتزجت أخلاق القوم بهذه العادة، فاستعملوا الاسترقاق، وكانوا يجلبون الرقيق من الخارج، أو يأخذونهم من ذات الصين، كما كانت تفعل الدولة نفسها. أما من الخارج فبواسطة الحروب والأسلاب، إذ كانوا يوزعون الغنائم من أناس وأشياء على كبار الضباط، أو يأتون بأثمانهم لخزينة الدولة، وأما في نفس البلد فبسبب الفاقة والاحتياج، لأن الفقير كان يضطر لبيع نفسه أو لبيع أولاده.
فكان هناك عائلات مستعبدة بسبب الشدة، وأرقاء قد بيعوا بالثمن، وكان للمولى على رقيقه التصرف المطلق؛ يبيعه كما اشتراه، بل ويبيع أولاده.
والظاهر أن الاسترقاق كان في بلاد الصين قليل الشدة والصعوبة، فإن الشرائع والعرف والأخلاق كانت تساعد على تلطيف حاله، فقد أصدر الإمبراطور كوانجون (وهو الذي كان عائشا بعد المسيح بخمسة وثلاثين سنة) أمرين اثنين بوقاية حياة الرقيق وشخصه، ضمنهما عبارات تشف عن كمال المروءة، وتشعر بمقام الإنسانية ودرجاتها العالية، فقد قيل فيهما: «إن الإنسان هو أفضل وأشرف المخلوقات التي في السماء والتي في الأرض ، فمن قتل رقيقه فليس له من سبيل في إخفاء جرمه، ومن أخذت به الجراءة فكوى رقيقه بالنار حوكم على ذلك بمقتضى الشريعة، ومن كواه سيده بالنار دخل في عداد الوطنيين الأحرار.» ولقد كان بعض الأرقاء يصادفه الحظ، ويقبل عليه الدهر، فتسمو به المناصب إلى أن يكون موضع الثقة من مولاه، بل ويجد في بعض المكاسب طريقة ينال بها حريته، ويتخلص من ربقة الرق، ولهذا كان الاسترقاق قليلا عند أمة الصينيين، التي امتازت بجودة الفطانة، وسلامة الفكر، وأصالة الرأي.
الفرع الخامس: في الاسترقاق عند العبرانيين
অজানা পৃষ্ঠা