قالت لورا وهي تأخذ المربى من ابنها: «أنا واثقة أن هذا هو المعنى الذي قصدته الملكة فيكتوريا عندما استخدمت تلك الكلمة.»
لقد كان يحبها من أجل ذلك. ذلك التجرد الغريب المتألق الذي أصاب قوام أمومتها في مقتل.
قال بات وهو يكشط المربى إلى أحد جوانب شريحة الخبز، بحيث تصل إلى العمق المطلوب في نصف مساحة سطح الشريحة على الأقل: «عندي لك سمكة». (ما قاله بالفعل كان: «إندي لك ثمكة»، لكن الصوتيات عند بات لم تكن أكثر استساغة على العين مما هي على الأذن، ويمكن أن نتركها لمخيلة القارئ.) وتابع: «تحت الحافة في بركة كادي. يمكنك أن تستعير طعمي، إن شئت.»
وحيث إن بات كان يمتلك علبة صفيح كبيرة مليئة باختراعات متنوعة للقتل، فإن «طعمي» في صيغة المفرد لا يمكن إلا أن يعني «الطعم الاصطناعي الذي اخترعته».
فسأل حين كان بات قد غادر: «كيف هو طعم بات؟»
فقالت أمه: «يتعين أن أقول إنه فعال.» وأضافت: «إنه شيء مخيف.» «هل يصطاد به أي شيء؟»
قال تومي: «أجل، مع غرابة هذا.» وتابع: «أظن أنه يوجد حمقى في عالم الأسماك أيضا مثلما في أي عالم آخر.»
قالت لورا: «تفغر المخلوقات البائسة أفواهها ذهولا لما تراه، وقبل أن يتسنى لها الوقت لتغلق أفواهها يكون التيار قد سحبه إلى داخلها. يوم غد هو السبت؛ لذا يمكنك أن تراه وهو يعمل. لكنني لا أظن أن أي شيء، ولا حتى اختراع بات الشرير، سيستدرج تلك السمكة الكبيرة، التي تزن ستة أرطال والموجودة في بركة كادي، للصعود إلى السطح إن ظل الماء في البركة على ما هو عليه الآن.»
وكانت لورا محقة بالطبع. إذ كان صباح يوم السبت مشرقا وغير ممطر، وكانت السمكة الكبيرة التي تزن ستة أرطال فزعة كثيرا في بركة كادي جراء سجنها فيها، ومهووسة كثيرا برغبتها في المضي في عكس مجرى النهر، فلم تكن تبدي اهتماما بمصادر التشتيت على السطح. لذا اقترح أن يصطاد جرانت سمك السلمون المرقط في البحيرة، وأن يكون بات مرافقا له. كانت البحيرة على بعد ميلين في التلال، وكانت عبارة عن مسطح مائي منبسط على رقعة أرض سبخة جرداء. حين يكون الجو عاصفا في بحيرة لوخان دهو، كانت الريح تخرج خيط صنارتك من الماء بزوايا قائمة وتبقيه مشدودا كأنه سلك هاتف. وحين يكون الجو هادئا وخاليا من الرياح يجعل البعوض منك وليمة بينما تصعد أسماك السلمون المرقط إلى السطح وتضحك ملء فيها. لكن إن لم يكن صيد السلمون المرقط فكرة جرانت عن الانهماك المثالي، فقد كان من الواضح أن مرافقة بات لجرانت كانت فكرة الأول عن الفردوس. لم يكن يوجد شيء ليس بمقدور بات فعله، من امتطاء الثور الأسود في دالمور إلى طلب حلويات بقيمة ثلاثة بنسات من السيدة مير في مكتب البريد بالاستعانة بنصف بنس والكثير من التهديد والوعيد. لكن متعة العبث في الأرجاء في قارب كانت لا تزال شيئا لا يستطيع أن يتيحه لنفسه. إذ كان القارب عند البحيرة مقفلا بقفل.
لذا انطلق جرانت على الدرب الرملي عبر نباتات الخلنج الجافة، وبات بجواره ومتأخر عنه بخطوة واحدة وكأنه كلب صيد يتصرف على أفضل نحو. وأثناء مسيره كان جرانت واعيا بممانعته هو نفسه، وأخذ يتساءل بشأنها.
অজানা পৃষ্ঠা