لقد ذكرنا «رشيد رضا» في الفصل السابق، وبين الشيخ «رشيد» والشيخ «جاويش» جامعة لا غنى عن الإشارة إليها لتقدير كل منهما معا، وكل من دخل معهما في هذه الجامعة، فبعد «جمال الدين» و«محمد عبده» أصبح من هم كل شيخ ناشئ أن يصبح أستاذا إماما أو نمطا آخر من «جمال الدين».
ومن هنا نشأت مدرسة «رشيد رضا»، و«مصطفى المراغي»، و«طنطاوي جوهري» و«عبد الحميد الزهراوي»، و«محمد الخضري»، و«محمد المهدي»، و«النجار»، وغيرهم.
ولكن الشيخ «عبد العزيز» كان يتشبه ب «جمال الدين»؛ حيث يتشبه أقرانه على الأكثر بالأستاذ الإمام.
وفارق آخر بينه وبين الشيخ «رشيد» أن الشيخ «رشيد» كما قلنا كانت به جفوة عن الفكاهة والكياسة.
أما الشيخ «عبد العزيز»، فقد كانت فيه من «أبناء البلد» الظرفاء مشابهة كثيرة.
ذهبت يوما لزيارة الأستاذ «محمد صادق عنبر» بمكتب صحيفة العلم على ما أذكر، فوجدت الشيخ «عبد العزيز» يصيح صيحة المحنق الذي يغالب ضحكا مكظوما: إنه خبر أدهش البقر، إنه خبر أدهش البقر!
فسألت الأستاذ «صادق عنبر»: ما هذا الخبر؟
فجعل يغمغم بين الضحك والخجل وهو يقول: إنه مصحح عندنا من أهل الشرقية، جاءه من بلده خبر عن بقرة قتلها قطار السكة الحديد، فاختار للخبر عنوانا يليق بهذه الفاجعة العالمية، وكتبه بهذا العنوان: «خبر أدهش العالم!» وفي رأي الأستاذ كما سمعت أن الدهشة من حق البقر في هذا المقام!
قلت: صدق أبو العيناء، رأوه يأكل في الطريق أمام الغادين والرائحين فلاموه.
قال: أمن البقر حياء؟ «وأراد أن يثبت لمن لاموه أن القوم بقر، فوقف ونادى: أيها الناس! قال هي بن بي عمن لا يوثق له برأي: من بلغ طرف لسانه أرنبة أنفه دخل الجنة. فلم يبق من حوله أحد إلا أخرج لسانه يحاول أن يبلغ أرنبة أنفه!» «ومضى أبو العيناء وهو يقول لمن لاموه: ألم أقل لكم؟» وقد أبى الأستاذ «صادق» إلا أن ينقل الحديث الروي لصاحب الخبر ليرى أين هو من قول الشيخ «عبد العزيز» ومن قول «أبي العيناء».
অজানা পৃষ্ঠা