82

وكنا نعجب لكتابته العربية أكثر من عجبنا لكلامه باللغة الإنجليزية، فهو يعرف الإنجليزية كما يعرف العربية، ومعرفته للعربية بعد ذلك هي موضع الشك الكبير.

وإنه ليلقي درسه في الترجمة ذات يوم إذا بمفتش معمم يدخل عليه، فظنه مفتشا للغة العربية قد ضل طريقه إلى هذه الحصة، فاطمأن على جهله وعلمه، ومضى في درسه بغير اكتراث، ولم يكن من دأبه كما أسلفنا أن يكترث لشيء من الأشياء.

وفوجئ باعتراض من المفتش المعمم، فقال له بغير تردد: «إن هذه القطعة منقولة من كتاب مقرر.»

وسأله المفتس: ما هو؟

فقال: كتاب مرشد المترجم.

وطلب منه المفتش أن يريه القطعة في الكتاب، فقلب الصفحات كأنما يبحث عن واحدة معينة منها، ثم أشار إلى جملة في الصفحة، وقال للمفتش بكل ثقة واطمئنان: هي هذه القطعة!

وهنا المباغتة التي كان أهون منها على صاحبنا أن ينفتح أمامه قمقم مغلق ويخرج منه مارد من الجن؛ لأن الشيخ المعمم قد أخذ يقرأ القطعة الإنجليزية ويسأله عن العلاقة بينها وبين العبارة العربية.

إن المفتش المعمم هو الشيخ «عبد العزيز جاويش» مؤلف كتاب مرشد المترجم، مع زميل من المعلمين!

وضجت المدينة ليلتها من الضحك، ولم يزل شاهدو القصة يذكرونها إلى الآن. لا عجب إذن أن يظل زي الشيخ عالقا بذهني على تعاقب الأيام. •••

وذهبت سنة وجاءت سنة، وتتابعت سنوات بعد سنوات، وألفت في «القاهرة» منظر الشيخ في جبته الغراء، وهي في أشد شتائها قلما أحوجتنا يومئذ - نحن أبناء الصعيد - إلى معطف ثقيل.

অজানা পৃষ্ঠা