فهذه القصة إحدى قصص ثلاث لها سلسلة من العناوين المتقاربة: عام الكف، وعام الكفء، وعام الكفر، محورها هم: محمد المويلحي، وعلي يوسف، ومصطفى كامل، وبواعثها من دسائس القصر رغبة الحاشية الاستيلاء على مناصب الرئاسات الدينية في البلاد، ولا سيما الرئاسات التي لها إشراف على الطرق الصوفية وأوقافها، وتقترن بها منافسة أصحاب الأقلام على مركز شاعر الأمير، وكاتب الصحيفة السيارة التي تعتبر لسان حال الأمير.
ولقد كان محمد المويلحي مرشحا للعمل الصحفي الذي يمثل سياسة الأمير، ويقوم مقام لسان الحال بالنسبة إليه، وكان يعين أباه على طموحه إلى مركز شاعر الأمير، فكان كلاهما منافسا خطيرا للشيخ علي يوسف في عالم الكتابة السياسية والمنادمة الشخصية للأمير في مجالسه الخاصة، وهما أكتب من الشيخ علي من الوجهة الأدبية وأوسع ثقافة في اللغة العربية واللغات الأجنبية، وأقدم عهدا بالاتصال الوثيق بالأسرة الخديوية التي صاحبتها أسرة المويلحي منذ عهد مؤسسها، ورفع شأنها عند هذه الأسرة انتساب المويلحيين لآل البيت النبوي، نسبة أثبت من تلك التي ادعاها صاحب المؤيد بعد ذلك، عندما أراد الخديو عباس ترشيحه لمشيخة السادات الوفائية، ومهدوا لذلك بمصاهرة الشيخ علي يوسف لهذا البيت على الرغم من عميده السيد عبد الخالق؛ مما انتهى به الأمر إلى قضية الزوجية المشهورة وعزل الخديو للشيخ أحمد أبي خطوة قاضي المحكمة الشرعية التي حكمت بإلغاء الزواج، وتعيين الشيخ الرافعي الذي كان يؤوي السيدة صفية في بيته بعد صدور القرار بالفصل بين الزوجين خلفا للأستاذ الإمام.
فما هو إلا أن سمع الشيخ علي يوسف بخبر اللطمة التي أصابت محمد المويلحي، حتى فتح لأخبارها وتفصيلاتها صدر صحيفته، وحرص على تسمية المكان الذي وقع فيه الحادث باسم «الحانة»، وتحريف الكلمة التي قالها المويلحي لتظهر للسامعين بها كأنها من لغة المغازلة، وفي كلا الأمرين ما يعطل المويلحي عن الترشيح لمقام لسان الحال ومقام المشيخة الصوفية، ولم يحفل المويلحي بالرد على «المؤيد» إلا ليقول إن الحادث وقع في «دكان» لا في حانة، وإن الكلمة التي فاه بها هي كلمة «الفتني» لا كلمة الفتان.
وسمى المؤيد العام كله باسم عام الكف، وألح على ذكر الحان في المنظومات الشعرية التي كانت تنشر تحت هذا العنوان، ومنها:
يا صريع الأكف صدغك أمسى
خلقا مثل طيلسان ابن حرب
أنت في الحان في أمان وسلم
وهو في معمعان حرب وضرب
ومنها :
لا تدخل الحان والصناع ثائرة
অজানা পৃষ্ঠা