يفتت الاكباد ، وما كان سبب تلك المأساة الا الحر الشديد وقلة الماء.
واصلنا السير فمررنا ببقعة جميلة تقع الى جانب مياه غزيرة تفرعت عن دجلة ، ثم وصلنا الى مدينة تكريت القديمة الواسعة ، لكن حالتها الحاضرة تدعو الى الرثاء هذا ما آلت اليه بغداد الثانية.
في الليلة التالية عبرنا دجلة ، وكان متاعنا قد قل ، وكاد ان ينفد ما حملنا من زوادة من الموصل ، ولم نجد محلا نشتري منه زادا. لكن اراكيل قدم لنا شيئا قليلا في اليوم التالي ، وكنا لا نزال بالقرب من ضفة الشطر ، ثم اكملنا سيرنا في المساء ، وعند الصباح وصلنا الى مدينة تركها اهلها كلهم بسبب شحة المياه (1) ولو ارادوا اعادة الحياة الى هذه المنطقة ، التي يمكن ان نعتبرها بغداد السفلى ، لا مكن ذلك بجر المياه اليها ، وهذا العمل يكلفهم نحو 80 الف قرش.
اكملنا سيرنا حتى عثرنا على بعض الآبار ، وقد جربنا حظنا بالصيد لنقتات به ، وبالرغم من القيظ الشديد فقد مضينا على الطريق بسرعة على امل الوصول الى بغداد في اليوم الثاني. وقد كان بعض الاعراب يختبئون في وسط الخربات ليهاجموا القوافل والمسافرين ، حتى بالقرب من بغداد ، لكننا كنا حذرين للغاية.
ان بابل الاولى القديمة بعيدة نحو 60 ميلا ، وتقع على الفرات ، وهي في الوقت الحاضر خراب كلي ، فقد تلاشت تلك المملكة التي كانت تلقي الرعب في اسيا كلها ، ولم يبق منها الا ذكريات مشينة عن سميراميس ونبوخذنصر وغيرهما من الطغاة (2) بينما قارعت الاجيال ذكرى عطرة عن الفتيان الثلاثة «والنبي» دانيال (3).
منذ بزوع الشمس دخلنا قرية كبيرة تقع في صدر بغداد (4) فأرسلنا التحية
পৃষ্ঠা ২৬