ولا أدري إذا كان لا بد لي أن أعود إلى موضوع الباشا نفسه ، على أن رسم صورة تقريبية لبغداد لا يمكن أن يتم من دون تكريس عدد من جرات القلم لوصف سيدها الحالي. فقد سبق لي أن أتيت على وصف علي باشا ومظهره الخارجي. أما عقله فليس أكثر جاذبية من الوعاء الذي يحل فيه. فهو ضعيف الرأي ، واهن العزيمة ، متردد في العمل ، فظ في قابلياته وشهواته ، أناني جشع. والمقول عنه إنه غير ميال في طبيعته إلى القسوة أو الظلم ولكنه يكره ازعاج نفسه بالإجهاد من أي نوع كان بحيث إنه يفضل تعذيب الآخرين من دون رحمة على الخضوع لمثل هذا الإزعاج ولو أدى به الأمر إلى ارتكاب أفظع الجرائم. ولذلك استغل خدامه نقطة ضعفه هذه ، والطمع الذي يساوره ، في الجور على الناس لأنهم مطمئنون بأنه لا يمكن أن يشاجر أحدا يأتي له بالمال ولا يعمل على إقلاق راحته. وهو على ما يقال دمث الأخلاق ، مطلع على شيء غير يسير من الأدب التركي ، وقد سمعت من مصدر ثقة أن أبيات الشعر التي ينظمها بالتركية لا بأس بها. لكنه بمجموعه رجل ذو ميول خسيسة ، وغير لائق أبدا للمنصب العالي الذي يشغله بمسؤوليته الكبيرة (1).
পৃষ্ঠা ১৫৪