রিহলা উলা
الرحلة الأولى للبحث عن ينابيع البحر الأبيض: النيل الأبيض
জনগুলি
الجمعة 6 شوال: زايلنا في الصباح مكاننا، فوصلنا إلى قرية ديماك التي يقيم بها المك. ورأينا على الضفة الغربية للنهر الشيخ سليمان أحد المشائخ الثلاثة الذي ألبس الخلعة أمس ومعه اثنان من الشلك ينتظراننا بالساحل عملا بأمر المك، فلما وقع نظرهم علينا أشاروا إلينا بالوقوف حيث وصلنا، وقالوا إنهم ذاهبون لإخطار المك بوصولنا، وما فاهوا بهذه الكلمات حتى انطلقوا، بينما كنا نلقي المراسي وسط النهر طبقا للعادات العسكرية. وفي الساعة السادسة حضر إلينا المشائخ الثلاثة الذين رأيناهم بالأمس ومعهم جماعة من الشلك المسلحين، وألبسوا أحدهم قميصا من القماش الهندي كما لو كان المك، فلما شهدنا هذا الأمر أنفذنا زورقا لإحضار المشائخ الثلاثة مع وكيل المك وشيخ آخر كبير إلى ذهبيتنا، فلما سألنا عما إذا كان المك قد حضر أجابوا بأن المرتدي لذلك الثوب إنما هو المك، فأشار إلينا وكيلنا إشارة أراد بها إعلامنا بأن هذا الرجل لم يكن المك، وبالرغم من أننا كنا قد أدركنا ذلك أول وهلة لم نشأ أن نظهر في مظهر المرتاب في أن الذي حضر إنما هو المك، ولهذا لم نقتصر على إلباس المشائخ الذين حضروا الثياب الفاخرة، بل وضعنا لهم ضمن صرة ثلاث مدى وثمانية أجراس وقطعتين من حرير الموصل وحزاما من الكشمير الإنكليزي وأشياء كثيرة من المصنوعات الزجاجية، وأرفقناهم بالشيخ أحمد وهدهون والريس حسن لتسليم الهدية إلى المك. ولما كان المك مقيما بجزيرة صغيرة تجاه القرى البعيدة من ذهبيتنا، فقد قصدوا إليه في ذلك اليوم، على أننا لم نرهم بعد ذلك، ولم نستطع أن نعلم من أمرهم شيئا وإنما رأينا من يدعى علي محمد من قبيلة الجاهلين (لعلها الجعليين) كان في تجارة مع الشلك. فلما كان المساء ألقينا مراسينا كالعادة وسط النهر لقضاء الليلة به.
السبت 7 شوال: بالنظر لهبوب الرياح الشمالية هبوبا شديدا دنونا بذهبياتنا من الشاطئ، وأخرجنا عساكرنا لتنظيفها وغسلها، آخذين لذلك ما يلزم من الاحتياطات الواجبة. وفي الساعة العاشرة أي قبل غروب الشمس بساعتين عاد الأشخاص الثلاثة الذين كنا قد أرسلناهم إلى المك بالأمتعة المهداة، فأخبرونا بأنهم لم يجدوا في القرية التي قيل إن المك مقيم بها أحدا ما من الرجال، وأنهم لم يجدوا بها سوى النساء، فلما رأينا ذلك طلبنا من وكيل المك أن يقدمنا إليه ويعرفنا به، فلما جاوبونا بأنه لم يكن من المعتاد عندهم تقديم أحد إلى المك عدنا إلى أماكننا، حيث علمنا فيما بعد أن المك خشي نزول الأذى به فاختفى في مكان آخر. وفي المساء حضر إلينا بعض الشلك بخمسة أبقار عجاف، فبعد أن وزعناها على العساكر أرسينا مراكبنا وسط النهر حيث قضينا الليل كالمعتاد.
الأحد 8 شوال: تحركنا للمسير فوجدنا بالجهة الغربية جزيرة مغطاة بالقرى وأشجار الميموزا، وبجهة الشرق جزيرتين قد تكاثفت على وجههما الأدغال. وفي الساعة الخامسة وجدنا بالضفة الغربية للنهر قرى للشلك تتخللها أشجار الجميز، ووقع نظرنا على كثير من الشلك يحملون المزاريق، والتقينا عند الساحل الشرقي بجماعات من الدنكا كانوا يرمقوننا من بعيد. وبالنظر لاشتداد الرياح تمزقت قلوع الذهبيتين التاسعة والحادية عشرة، فاضطررنا إلى التخلف وألقينا مراسينا لهذا السبب من ناحية الساحل الشرقي تجاه تلك القرية، ولما أدركتنا الذهبيتان اهتممنا بإصلاح ما لحقهما من العطب، ثم استأنفنا المسير فالتقينا نحو الساحل الغربي بجماعة من الشلك مسلحين بالمزاريق أخذوا يرمقوننا بأبصارهم. والجزر المبينة في الجدول مغطاة كلها بالأشجار والأدغال، وبالنظر لأننا لم نقف على أسمائها فقد أشرنا إليها في الجدول بالأرقام. وعند الساعة الحادية عشرة دنونا من الساحل الشرقي لأخذ حاجتنا من الحطب، ثم انسحبنا للرسو كالمعتاد في وسط النهر.
الاثنين 9 شوال: تحركنا للمسير وكان الجو غيما والريح شرقيا، فنظرنا على الساحل الغربي جملة قرى للشلك وبعض أشجار النخل على الساحلين. وقبيل الساعة الثالثة وصلنا إلى مكان تجري فيه مياه لا تشبه مياه البحر الأبيض لأن لونها كان ضاربا إلى الحمرة، وكان عرض مصب هذا النهر نحو ربع ميل، فلما رأينا أنه يصب في النهر الأبيض أخبرنا سليمان كاشف بأنه يسمى بحر السباط، وأنه يسيل من جهة مكياده، أما الشلك فكانوا يسمونه بحر تلخي. ولما كانت مهمتنا تقضي علينا بمواصلة السير في البحر الأبيض، لم نشأ أن ندخل في هذا النهير بل تابعنا المسير في طريقنا الأول، وكان بناحية الغرب عند مصب النهير قرية صغيرة للشلك إلا أن سكانها كانوا قد لجئوا إلى الفرار، وقد شهدنا في طريقنا على مسافة نصف فرسخ من النهر جملة قرى للشلك يحيط بها النخل. ولم نجد على طول سيرنا من الساعة السادسة إلى الساعة الثامنة أثرا ما لقرية أو لإنسان. فلما كانت الساعة التاسعة وجدنا على الساحل الغربي قريتين أو ثلاث قرى، وعلى الساحل الشرقي بعضا من حيوان الزراف وفرس البحر.
وعلى مسافة نحو اثني عشر ميلا من النهر شهدنا ثلاثة جبال مغطاة بالغابات، كما شهدنا من جهة الغرب على مسافة قصية من النهر جملة من القرى وبعض الناس والأشجار، وكان الساحل من جهة الشرق مرتفعا قليلا، والضفتان والجزر المبينة في الجدول مغطاة بالحمصوف والأدغال. ولاحظنا أن هذه الأدغال كانت ممتدة من الشاطئين إلى الداخل من الناحيتين على مسافة ميلين، وأن سكان تلك القرية كانوا يرمقوننا بأبصارهم أثناء فرارهم. وفي الساعة الحادية عشرة - أي قبل غروب الشمس بساعة - كانت الرياح قد سكنت، فوقفنا بالنظر لوجود المراكب متخلفة وراءنا، وألقينا المراسي وسط النهر كالعادة.
الثلاثاء 10 شوال: عند رحيلنا في الصباح كان الهواء يهب من ناحية الشمال كما كان الجو متلبدا بالضباب. ففي الساعة الثانية شهدنا من ناحية الغرب على مسافة ميلين أو ثلاثة أميال ثمانية عشرة قرية تنتهي عندها حدود بلاد الشلك، ورأينا على مسافة ثلاثين ميلا من جهة الجنوب جبلا شاهقا، أما الشاطئ الغربي فلم نجد عنده شيئا، ومع أننا كنا ننظر بالمنظار المقرب فإننا لم نر إلا أدغالا متكاثفة وبعض الفيلة، وشهدنا بعيدا عن النهر جملة من أفراس البحر. ومنذ الساعة الخامسة إلى وقت العصر لم يقع نظرنا على شيء مطلقا، وفي أثناء الليل شهدنا على مسافات قصية من الضفتين الشرقية والغربية نيرانا مشتعلة. وفي الساعة التاسعة دنونا من الضفة الشرقية لأخذ ما نحن في حاجة إليه من الحطب ثم استأنفنا السير في طريقنا، وكانت سواحل النهر ممتلئة بالأدغال الممتدة إلى مسافة ميلين منها، وكان الماء في هذه الأدغال راكدا آسنا تشتم منه رائحة كريهة ويكثر بسببه البعوض المؤذي بلسعاته. وفي المساء رسونا وسط النهر لقضاء الليل.
الأربعاء 11 شوال: تحركنا لمواصلة السير في الصباح، فلما كانت الساعة الرابعة شهدنا من جهة الشرق على مسافة ميل من النهر بحيرة صغيرة تحيط بها الأدغال، ومن جهة الغرب بحيرة أخرى ماؤها ضارب إلى السواد، وعرض البحيرة الأخيرة ثلاثة أميال، فذهبنا مع إبراهيم أفندي وسليمان كاشف في زورق صغير إلى البر لسبر أغوارهما، فبعد أن سلكنا من الطريق ثلاثة أميال وجدنا أن عمق الماء في هذه البحيرة قامتان ونصف قامة، وتأكدنا أن أرض القاع سوداء اللون، وأن المياه راكدة لا تتحرك بحركة ما. ولما كان الوقت غير كاف للتوسع في البحث والاستقصاء، فإننا لم نتحقق مما إذا كان المكان الذي وصلنا إليه خليجا من الخلجان، وكل ما استنتجناه أن مياهه يختلف لونها عن لون مياه النهر الأبيض الذي يجري بسرعة ميل ونصف في الساعة ويبلغ عرضه مائة خطوة وعمقه ثلاث قامات ونصف. ولقد ألقينا مراسينا وسط النهر في هذا المكان حيث قضينا الليل.
الخميس 12 شوال: في الصباح قصدنا مبكرين إلى البحيرة للتحقيق والتدقيق في أمرها، وكان وصولنا إليها من طريق الضفة الغربية، فبعد مسير أربع ساعات اضطرتنا قلة عمق الماء إلى تحويل طريقنا. ومع أننا غيرنا اتجاهنا لتجنب الانغراز في أرض القاع، فقد انغرزت فيها السفينة رقم 10 ولم نستطع تخليصها إلا في الساعة السابعة؛ تارة لقلة الهواء وتارة أخرى لاختلاف الرياح. وكنا حتى حين وصولنا إلى البحيرة نلقي المسبار في كل ساعة، فوجدنا أن عمق الماء كان في بعض الأحيان قامة وفي أحيان أخرى قامتين. وقد علمنا بالرغم من عدم وجود تيار للماء ومن رواية أحد البحارة أن البحيرة متصلة بجملة بحيرات أخرى، وكنا نشاهد من الناحيتين جزرا صغيرة من الأدغال الضارب لونها إلى السواد، وكنا كلما تقدمنا إلى الأمام وجدنا أن العمق لا يزيد على قامة واحدة، وأن القاع أسود اللون كقاع البحيرات عادة، وأنه كان لا يوجد حوالي هذه البحيرة أثر للإنسان ولا للحيوان، وكل ما كان يقع البصر عليه إنما هو النيران التي كانت تشاهد من بعيد. وقد ألقينا المراسي في هذا المكان لقضاء الليل به كالمعتاد.
الجمعة 13 شوال: كان الجو في الصباح متلبدا بالغيم، ولسكون الريح اضطررنا إلى استعمال المجاديف إلى أن هبت ثانيا من الشرق، وقد رأينا عندئذ ثلاثة أشجار من النخل في جهة الشرق. وفي الساعة الرابعة شهدنا على مسافة ميلين من ضفتي النهر كثيرا من التكول - أي العشش - مختلف شكلها عن شكل ما وقع نظرنا عليه منها حتى الآن. ومع أننا رأينا أربعة رجال على الجانب الغربي وستة على الجانب الشرقي، فإننا لم نستطع أن نعلم من أي الأقوام أو القبائل كانوا. وفي الساعة الخامسة سقطت الريح فاستعملنا المجاديف حتى الساعة العاشرة. وفي الساعة الحادية عشرة دنونا من الضفة الشرقية لنحتطب، فشهدنا أثناء الاحتطاب أن في المكان كثيرا من دود الحجامة، فأخذنا منه ما يلزم لحاجتنا الشخصية، ولهذه اللحظة لم يتغير لون الماء، بل كان طعمه رديئا ورائحته كريهة ولا يزيد عمقه عن قامة واحدة وظهر لنا أنه راكد بالمرة، فتحققنا وجودنا في مياه إحدى البحيرات.
وفي منتصف الساعة الحادية عشرة عقد اجتماع حضره كل من سليمان كاشف والقائمقامان رستم أفندي وإبراهيم أفندي واليوزباشي فيض الله أفندي واليوزباشي الياور عبد الرسول أفندي؛ لتقرير الاتجاه الذي ينبغي لنا أن نتابع السير فيه، أعني السير في اتجاه النيل الأبيض أو البقاء في البحيرة، فبعد المفاوضة الطويلة وبالنظر لأن الغرض المقصود من بعثتنا هو استكشاف منبع النيل الأبيض، فقد قررنا مواصلة السير في طريق هذا النهر، وكتبنا بذلك تقريرا أمضيناه جميعا، وبناء على هذا التقرير سارعنا إلى الأوبة بالمجاديف.
অজানা পৃষ্ঠা