يكن يخطر في بال السيد ولا في بالي، ما لاقيته في السفر من المتاعب، وما قاسيته من الأهوال والشدائد، وأول ما صادفنا عصابة شقية، من عشيرة بني عطية، سلبتنا نقودنا وثيابنا وزادنا، وسلبوني مقدار خمسين جنيها ذهبيا عدا ثيابي وزادي، وأصبحت نفقتي على حساب رفيقي وأخي في الله تعالى شلاش جزاه الله تعالى خيرا. ولقينا مفرزة ثانية في موطن آخر، فوجهوا إلى صدورنا السلاح، ثم عرفوا أخانا شلاش فأطلقوا سبيلنا. وأطلق آخرون علينا الرصاص، فلم نصب، ولله الحمد، بأذى.
وإني أعزك الله أيها الإمام، سليل أعلام من خدمة الكتاب والسنة في دمشق الشام، وقد اعتدنا حالة الحضر، ولم يسبق لنا تحمل مشاق السفر، ولذا نالني في خمس وعشرين ليلة كان فراشي فيها الرمال، بين الآكام والجبال، ومركوبي في بعضها الجمال، نالني ما أورثني الآلام، وأمرضني عدة أيام، وقد احتسبت ذلك عند الملك العلام، ورجوت أن يكون جهادا في سبيله، وابتغاء مرضاته. ولما قربنا من قرية الحائط، قصوا علينا من فظائع حروب المسمين بالمتدينة مع خصومهم، ما تقشعر منه الأبدان، ويتفطر له قلب أهل الإيمان، وهم يطلبون الشهادة على أيدي من يكفرونهم، ويتقربون بقتل مثلي لأسباب لا تخفى على فطنة الإمام، وهم أخلاط من عشائر بدوية لا يدرون ما الكتاب ولا الإيمان، ولا يعرفون لنفس حرمة ولا قيمة، قلت في نفسي: «ومن يقتل
পৃষ্ঠা ৫৯