নুবায় সময়ের যাত্রা
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
জনগুলি
تذكر الشيخ عثمان أن نجع العلياب قد نقلت بيوته أربع مرات، أولاها كانت قبل بناء سد أسوان في 1902م؛ وذلك لأن الأرض كانت تنشع كثيرا مع الفيضانات، بينما المرات الثلاث الأخرى كانت مع إنشاء السد وتعليته مرتين في 1911 و1933، ويبدو أن النجع قد أنشئ في القدم في منطقة جيدة، لكن نشع المياه ربما جاء نتيجة تغير طفيف في مسار النهر، نتيجة النحت والإطماء حين كان النيل يجري حرا طليقا دون ضوابط بشرية.
وقادنا الكلام عن نقل النجع إلى موضوع الانتقال إلى كوم أمبو بعد إنشاء السد العالي، وقد أجمع الحاضرون على أن هناك معايب في البيوت التي تبنيها الحكومة والتي سينقلون إليها، وتركز النقد حول صغر مساحات البيوت الجديدة والتصاقها بعضها البعض، وعدم وجود مدخل خاص للماشية والحيوانات بخلاف الباب الرئيسي، وكذلك أن المزيرة توجد إلى جوار الحمام مباشرة، كما ينقص البيت غرفة مخزن لوضع التبن وأعلاف الحيوان ومتعلقات أخرى، والخلاصة أنهم كانوا يفضلون لو أن الحكومة قد أعطتهم تعويضات مالية يبنون بها بيوتهم على النسق الذي اعتادوه.
ولا شك أن جانبا كبيرا من هذا النقد صحيح، وبخاصة التصاق البيوت في النوبة الجديدة؛ مما قد يخلق ظروفا اجتماعية مستجدة بالنسبة للكنوز، بينما لا يشكل ذلك موضوعا للنقد بين النوبيين الذين تلتصق بعض بيوتهم عكس بيوت الكنوز المنفصلة عن بعضها.
وفي الأغلب فإن المجمعات السكنية التي تبنيها الهيئات الحكومية لا تفي باحتياجات الناس الذين سوف يستخدمونها، فمهما أدخل المهندسون المخططون من حسابات ومدخلات اجتماعية وديموجرافية، فإنه تظل هناك فروق فردية وجماعية لا يمكن إدخالها في حسابات مشروع إسكاني واسع مثل النوبة الجديدة، وأحسن الحلول هو ترك الناس تقيم محلاتهم العمرانية ضمن أطر تنظيمية وهندسية عامة، وربما كان ذلك ممكنا بالنسبة للنوبة لو أن عملية التهجير قد أخذت وقتا كافيا قبل وأثناء بناء السد؛ مما كان يسمح للناس بالبناء في الأرض الجديدة حسب مواصفاتهم والانتقال بحرية.
ثم دار الحديث عن بيوت نجع العلياب المسكونة منها والمغلقة، كان في النجع ثلاثة وثلاثون بيتا وأربع مضايف، ومن البيوت كان هناك أربعة مسكونة بأسر كاملة؛ أي زوج وزوجة وأبناء، وأربعة عشر بيتا مغلقة؛ لأن ذويها يعملون خارج النوبة، وثمانية بيوت مهجورة بعد أن توفي أصحابها، وستة بيوت شبه خالية يقيم في كل منها أرملة أو أم متوفى، وبيتان يعمل أصحابها في الخارج، لكن يقيم فيها بعض أقاربهم، وكان كل سكان النجع المقيمين خمسة رجال وإحدى عشرة سيدة كلهم كبار السن، وعددا قليلا من الأطفال، أما المقيمون خارج النجع فقد كانوا نحو خمسة وثلاثين من الرجال والنساء، فضلا عن أطفالهم، وشابين يدرسان في معهد معلمي الدكة؛ أي إن السكان العاملين خارج النوبة أكثر من ضعف المقيمين في النجع، وهذه حالة عامة بالنسبة لغالبية عمديات بلاد الكنوز، وغالب العاملين يقيمون في القاهرة، والقليل في الإسكندرية وأسوان، وواحد فقط كان يعمل في السودان. دخلنا عددا من البيوت، وهي لا تختلف كثيرا عما سبق وصفه من حيث الحوش السماوي والغرف وتجهيزات البيت والمطبخ والمخزن وأماكن الحيوانات والحطب والدريسة فوق السطح، ووجود باب ثان لدخول وخروج الماشية.
واستعرضت السيدات روتين الحياة اليومية لهن: في الصباح تقوم السيدة بسقاية البقرة وما لديها من حيوانات أخرى، ثم تجهز الشاي والإفطار الذي يتكون من بيض أو لحم أو طعمية أو لبن رايب وجبن قديم، ثم تخمر العجين لعمل خبز الدوكة - دقيق قمح أو ذرة - ثم تنزل إلى الحقول لجمع النجيل والأعشاب، وتعود لخبز العيش وطهي الغداء، سواء كان عدسا أو لوبيا أو جاكوتا - غالبا أي غموس - ثم تسقي الحيوانات مرة ثانية وبعدها تغفو قليلا للراحة، يعقبها عمل آخر متمثل في ملء الزير بالمياه وجمع النجيل، ثم تجهز العشاء المتكون من الشاي والحليب، وكذلك تخض اللبن للحصول على الزبد الذي يغلى للحصول على السمن الذي يوضع في «قرعة» كبيرة - يزرع القرع الكبير في أحيان - وتصنع المرأة أيضا الجبن من اللبن بعد أخذ الزبد، ويوضع على مياه اللبن الرائب حلبة وكمون وشطة، ثم يضاف إليه لبن بارد ويترك في وعاء يوما أو اثنين ثم يخسر، ويقوم الأطفال بالمساعدة في رعي الحيوان وجمع العشب من الحقول، وأحيانا الرجال أيضا، أما في الشتاء فإن العمل أقل؛ حيث لا توجد حقول وأعشاب ورعي للحيوان؛ ومن ثم فإن الشتاء فصل ركود، والصيف فصل عمل يتضمن كثيرا من الجهد والتعب، خاصة بالنسبة للسيدات.
ونزلنا إلى الحقول فشاهدنا الكثير من البرك والبحيرات الصغيرة التي يكونها نشع النيل، وعددا من النساء والأطفال يجمعون الكشرنجيج والنجيل الأخضر وبعض الذرة غير الناضجة تماما.
ويبلغ زمام ساقية العلياب تسعة أفدنة، منها 3,5 أفدنة ملكية خاصة؛ بواقع فدان ونصف لعثمان سليمان، وفدان واحد لزينب شلبي، ونصف فدان لفضل بشير، ومثله لقاسم حسن أحمد، وهناك نحو ستة أفدنة ملكية على المشاع لأحفاد عبد الله ويونس وظافر وهب.
ويبدو أن وهب كان من كبار الملاك منذ نحو مائة سنة من تاريخ زيارتنا 1962؛ فهو الجد الثاني لعبد الرحيم إسماعيل يونس وهب - أحد محدثينا من كبار السن في نجع العلياب - وكان وهب بن زيدان بن بشير بن حسن بن يونس - يونس غالبا هو الجد الأكبر لسكان العلياب وعدد آخر من النجوع - يمتلك نحو 15 فدانا في ساقية العلياب وحمدنا بتجوج، قمست بالتساوي بين أبنائه الثلاثة: يونس وعبد الله وظافر، ولكن يونس أضاف 7,5 أفدنة إلى نصابه من أرض ساقية حمدنا بتجوج، وقسمت ملكية يونس على ستة من أبنائه - 12,5 ÷ 6 = 2,08 فدان - وهذه قسمت بعد ذلك على 22 وريثا - 12,5 ÷ 22 = 0,56 فدانا - وبعبارة أخرى فإن هذا مثال لتفتيت الملكية الزراعية، ومن ثم يصعب تحديد ملكية محددة، ولهذا فهي تزرع على المشاع، وبطبيعة الحال فإن إنشاء سد أسوان، وإغراق الأراضي تحت مياه الخزان لمدة تسعة أشهر من السنة؛ جعل من غير المفيد أن يحاول شخص ما استصلاح أرض جديدة يضيفها إلى أملاكه، وبعبارة أخرى فإن سد أسوان جمد أية مجهودات للتنمية الزراعية في النوبة لمدة جيلين كاملين، وثبت ما هو موجود من أرض لم تعد ملكية قانونية، وإنما حق انتفاع وزراعة خفية - بحكم التعويضات غير العادلة التي دفعت للنوبيين - وسنعالج هذا الموضوع بشيء من التفصيل في القسم الثاني من هذا الكتاب. وبطبيعة الحال، فإن هذه الأوضاع ضاعفت عدد العاملين من النوبة في مصر والسودان؛ بحيث أصبح ذلك نمطا حياتيا بعد أن كان مجرد نشاط اقتصادي يساعد على المعيشة في النوبة.
سهرة في نجع كلدول
অজানা পৃষ্ঠা