নুবায় সময়ের যাত্রা
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
জনগুলি
جدف محمد بمهارة مستخدما تيار النيل في سرعة الدفع إلى الشمال الشرقي، حيث يوجد القارب وزوجي والأستاذ أسعد.
وحينما سافر الريس محمد معنا لمدة شهر لا أعرف كيف تصرف مع أهله؛ هل أعطى نقودا لشخص كي يشتري حاجات الأسرة، أم تمكن من الشراء من عمدية دهميت قبل أن يعود بالقارب إليهم يسلم عليهم ثم يعود إلينا في دهميت لنبدأ رحلتنا؟ لست أدري!
الفصل الخامس
بوابة كلابشة وحجر السلامة
تحركت «لندا» من دهميت بمحرك واحد، لكنه أثبت جدارة كبيرة، وبعد أن سرنا بحذاء البر الشرقي لمسافة قليلة، عبر بنا الريس محمد النيل في اتجاه نجع قناوي لكي يودع أسرته مرة أخرى، ويأتي بأشياء يحتاجها في رحلته الطويلة معنا. وبعد توقف أمام النجع لم يزد عن نصف الساعة كثيرا، عاد محمد وعلى ظهره بطانية وكيس آخر ومدراه لسبر غور المياه، سألناه عما في الكيس فرد ضاحكا: شبكة صيد سمك. وكنا نعرف أن سكان النوبة لا يأكلون السمك كثيرا، رغم توفره بكثرة أمام أعينهم ، بل إن معلوماتنا التي حصلنا عليها من سيالة قبل بضعة أشهر تؤكد أن هناك بعض المناطق في النوبة لا تأكل السمك إطلاقا، وحجتهم في ذلك أنهم يطلقون على السمك عامة اسم «حوت»، ويسمون الصيادين «حواتة» وفي القليل «سماكة»، وذكر لنا بعض أهل سيالة أن الحوت قد ابتلع جدهم يونس، ومن ثم فرضوا حظرا على أكل الحوت؛ أي السمك؛ لأنها كائنات مفترسة.
لكن مناطق أخرى تخصص اسم الحوت على سمك «القرموط» فقط، ولهذا فهو غير محبب إلى النفس ولا يؤكل، كما هو الحال في قرشة، وقد لاحظنا أن هذا التحريم لا يسري إلا على عدد من قرى الكنوز ووادي العرب، أما منطقة الفديجة «النوبيين» ابتداء من كورسكو حتى الحدود المصرية، فإن سكانها يأكلون الأسماك بدون تحريم.
ويقوم أبناء الصعيد عادة بحرفة السماكة في طول بلاد النوبة، ومعظم صيدهم يملح ويرسل شمالا إلى الصعيد، وإن عمليات الصيد تستغرق السنة كلها، عدا ثلاثة أشهر الفيضان؛ حيث يصعب الصيد مع تيار الماء القوي إلا في مناطق محدودة، والغالب أن بعض النوبيين يمارسون صيدا من أجل الاستهلاك الخاص، وقد اتضح لنا من الأسئلة التي طرحناها في عدة أماكن، وعلى عدد من الصيادين، أن أشد مناطق التحريم توجد في القسم الشمالي من بلاد الكنوز، من دابود إلى أبوهور، ثم في المنطقة الوسطى من محرقة إلى السبوع، وكذلك لاحظنا أن عددا كبيرا من أهل النوبة المقيمين خارج النوبة قد تحرروا من فكرة المحرم، وأخذوا يدخلون السمك في طعامهم كلما كان ذلك في مقدورهم.
ولما كان الريس محمد من سكان المنطقة التي تحرم أكل السمك، فقد تساءلنا: هل صحيح سوف يصطاد أسماكا ليأكلها أم ليبيعها؟ لكن ظروف الرحلة وتنقلنا الكثير فيما يبدو لم تمكنه من ممارسة الصيد، فقد ظلت الشبكة جافة إلا مرة واحدة حينما كنا في منطقة قرشة، فقد اصطاد سمكتين وقرموطا صغيرا، هنا أكد لنا أهل قرشة أن هذا القرموط هو الحوت الذي يسري عليه التحريم، كما أضافوا: إذا ربطت القرموط وتركته في قليل من الماء فسوف يستبد به الحزن فيتغير لون جلده ويموت بعد قليل، وللتدليل على ذلك ربطوا القرموط الصغير الذي اصطاده محمد، وتركوه في وعاء به ماء، وبعد عدة ساعات لم يكن القرموط قد غير لون جلده، ولم يكن قد مات ولا أتذكر الآن مصير القرموط المسكين، وربما كان من نصيب الكلاب الجائعة!
ولا شك أن بعض النوبيين لا يتركون فرصة للكسب الإضافي ويتركونها تمر، ومن هنا كان تساؤلنا حول مصيدة السمك التي أحضرها الريس محمد، وما دار بيننا من حديث حول صفائح البنزين الفارغة: - أريد أن نحتفظ بالصفائح الفارغة لاستعمالي. - لماذا يا ريس محمد؟ - إننا نحتاجها في النجع. - ولكن سوف يكون هناك نحو 50-60 صفيحة فارغة، فكيف سنحتفظ بها في القارب الصغير؟ - لن أحتفظ بها كلها في القارب، بل سأضع الفوارغ على الشاطئ في البلاد المختلفة التي تتم فيها عملية تفريغ البنزين، ثم أوصي بعض المراكبية أن يحملوا هذه الصفائح إلى النجع كلما مروا بالمناطق التي أتركها فيها.
ومع عدم اقتناعنا تماما بما قاله إلا أننا سكتنا، فماذا يهمنا من أمر الصفائح الفارغة طالما أنها لن تضايقنا في القارب، لكن أسعد أسر إلينا بعد قليل أن الريس محمد سوف يبيع الصفائح في المناطق التي نتوقف عندها، وسألنا أسعد: كم يكون ثمن الصفيحة؟ فقال: إنها غالية في هذه المناطق، خاصة أنها صفائح جديدة ومن النوع المجلفن الذي لا يصدأ إلا بصعوبة، وهذا النوع نادر جدا في النوبة؛ لأن البواخر والزوارق تستخدم وقود الديزل الذي يباع في براميل كبيرة الحجم لا تصلح لتخزين الماء مثل صفائح البنزين، وربما استخدمت أيضا في أغراض أخرى مثل حفظ الدقيق أو غير ذلك من المواد الغذائية التي يحرص عليها السكان لعزلتهم النسبية.
অজানা পৃষ্ঠা