জাকি নাজিব মাহমুদের চিন্তায় একটি যাত্রা
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
জনগুলি
40 (4) تطهير الأرض قبل إقامة البناء
بدأ زكي نجيب محمود تطوره الروحي بمرحلة يغلب عليها الوجدان والمشاعر الدينية، ويتوارى العقل، ثم انقلبت الصورة فسيطر العقل في المرحلة الثانية، وتوارت المشاعر الدينية إلى حين (وإن ظل الوجدان بارزا في المقالة الأدبية)، ثم عانى في مرحلة ثالثة من صراع اتخذ صورا شتى؛ فهو أحيانا صراع الجمع بين العقل والوجدان، وأحيانا أخرى صراع بين ثقافتين: ثقافة وافدة لا يملك إلا أن يعجب بما فيها من عمق، ومن قدرة على التطور والنمو، وثقافة تمتد جذورها في أعماق ماضينا، ولكن علاقتها بالحاضر تزداد ضعفا مع الأيام. ويشعر القارئ أن كل كلمة يصور بها هذا الصراع، في الثلاثية، إنما تعبر بأمانة عن معاناة حقيقية وتجربة شخصية صادقة.
41
كانت مشكلة التوفيق، إذن، بين «العقل والوجدان» بين «العلم والدين»، بين الثقافة الوافدة التي يلعب فيها العقل دورا رئيسيا، وثقافتنا العربية التي يغلب فيها سيطرة الوجدان، هي شغله الشاغل طوال حياته، وهي ربما نبعت في الأصل من شخصية زكي نجيب محمود نفسه؛ فهو رجل يحمل في صدره حسا فنيا مرهفا من ناحية، ثم هو يحمل، من ناحية أخرى، رأسا ينطوي على عقل تحليلي صارم. ومن هنا فقد كان في الأعم الأغلب يعاني هذا الصراع في أعماقه، قبل أن يستشعره في ثقافة مجتمعه. ولقد أراد في الثلاثية (ابتداء من «تجديد الفكر العربي») أن يحل هذا الصراع في مركب يجمع الطرفين معا، بحيث يدمج التراث العربي القديم في حياتنا المعاصرة، لتكون لنا حياة عربية ومعاصرة في آن معا.
42
فراح يبحث عن طرائق السلوك التي يمكن نقلها من الأسلاف العرب، بحيث لا تتعارض مع طرائق السلوك التي استلزمها العلم المعاصر والمشكلات المعاصرة.
43
ومفكرنا مثل كثير من الفلاسفة؛ ديكارت وبيكون والغزالي ... إلخ، يعمد إلى تطهير الأرض مما فيها من ألغام قد تنسف البناء من أساسه لو أقمناه عليها؛ ومن هنا انقسم مشروعه إلى جانب سلبي، وجانب إيجابي، ويتمثل الجانب السلبي في ثلاثة عوامل معوقة، تشدنا إلى الوراء وتمنعنا من الانطلاق، وهي «أغلال» تغل أقدامنا وتعوقها عن السير «بل تعمل فينا كأبشع ما يستطيع فعله كل ما في الدنيا من أغلال وأصفاد ...»؛
44
ولهذا فمن العبث أن نرجو نهوضا قبل أن نحرر أنفسنا من تلك القيود والأصفاد؛ لتنطلق عقولنا نشطة حرة، وهو يكتفي بالإشارة إلى ثلاثة عوائق هي:
অজানা পৃষ্ঠা