জাকি নাজিব মাহমুদের চিন্তায় একটি যাত্রা
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
জনগুলি
39
ولما رأى الناس في بلاده على عداوة مع العقل، فقد أدرك أنهم بالتالي على عداوة مع التقدم، ومع الحضارة: «ومع كل ما يترتب على العقل من علوم ومنهجية النظر، ودقة التخطيط والتدبير ...»
40
ومن هنا كانت صرخته ليستيقظ النوم من سباتهم، ويلحقوا بالركب ... ولعل هذا هو السبب في أن هذه المرحلة هي التي التصقت بأذهان المثقفين الذين هزتهم الدعوة من الأعماق، فانتبهوا إلى هذا الفكر الجديد، وانهالوا عليه لوما وتقريعا، وعمدوا إلى تقليص دوره ليصبح «من المؤكد أن زكي نجيب محمود هو أبرز ممثل لتيار الوضعية المنطقية في الوطن العربي».
41
على الرغم من أنه لم يعتنق الوضعية المنطقية مذهبا، وإنما وظفها لصالح الفكر التنويري كما سبق أن رأينا. فالأفكار الرئيسية التي عرضناها في هذه المرحلة كانت خيوطا تلاقت في نسيج المرحلة الثالثة. وما وصفه بأنه «أعظم كشف فلسفي في هذا العصر» هو الذي كان هاديه ومرشده في تحليله للتراث العربي. ولو أمعنا النظر قليلا في تقسيمه لمجال النشاط الذهني للإنسان إلى مجالي «التفكير العلمي» و«الوجدان»، لوجدنا أنها هي نفسها القسمة التي وجهت تفكيره في «المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري»؛ فالمعقول هو «وقفة العلم»؛ لأن العلم بكل ضروبه نشاط عقلي خالص، وخصائص التفكير العلمي هي طائفة هامة من خصائص العقل.
42
لكن ذلك لا يعني أن الإنسان عقل كله، بل هناك حالات يكابدها ويعانيها، منها الانفعالات والعواطف والرغبات وما إليها: «فإذا ضممنا جميع الأقوال التي قالها قائلوها من «حالات» اعتملت بها أنفسهم. كان لنا مجموعة مجال «اللامعقول» في الثقافة التي تقصيناها بالنظر والدرس ...»
43
ولو أمعنا النظر، من ناحية أخرى، في «تجديد الفكر العربي» لوجدنا أن القسم الذي كتبه تحت عنوان «المبادئ: حقائق هي أم فروض؟» (ص190-204) يعتمد اعتمادا تاما على القسمة الثانية التي أدخلتها الوضعية المنطقية في قلب التفكير العلمي نفسه، حين ميزت بين الفكر الرياضي والاستبناطي، والفكر التجريبي الاستقرائي، وجعلت النوع الأول يبدأ من فروض يسلم بها بغير حاجة إلى برهان. ونحن نراه في هذا القسم من «تجديد الفكر العربي» يمد فكرة «الفروض»، التي يبدأ منها الفكر الرياضي، ليجعل من «المبادئ» فروضا أيضا. وإذا كان قد ضرب المثل بالفكر الديني، أو علوم الدين، الذي يبدأ من كتابه المقدس، ويجعله أمرا مسلما به لا يقام عليه برهان؛ فهو أيضا يجعل «المبادئ، أيا كان نوعها، فروضا، ويقول إن الديانات المختلفة تبنى على «مبادئ» كل منها يضع كتابه أمامه «مبدأ» يسير منه، ويستنبط، وأن تكون الأحكام الفقهية في كل دين صوابا بالنسبة إلى نص كتابها.
অজানা পৃষ্ঠা