وقال سعيد بن جبير: لا يصح حجه، قالت الشافعية: فإن عاد إلى الميقات قبل التلبس، سقط عنه الدم.
وأما من لا يريد حجًا ولا عمرة، فلا يلزمه الإحرام لدخول مكة على الصحيح من مذهب الشافعية، ويؤيده حديث جابر: أن النبي ﷺ دخل يوم فتح مكة وعليه عِمامة سوداءُ بغير إحرام، رواه مسلم، والنسائي. وفي الباب عن أنس عند أحمد والبخاري.
قال الشوكاني: قد كان المسلمون في عصره ﷺ يختلفون إلى مكة لحوائجهم، ولم ينقل أنه أمر أحدًا منهم بإحرام؛ كقصة الحَجَّاج بنِ عِلاط، وكذا قصة أبي قتادة، لما عقر حمار الوحش داخل الميقات وهو حلال، وقد كان أرسله لغرض قبل الحج، فجاوز الميقات لا بنيّة الحج ولا العمرة، فقرره ﷺ مع ما يقتضي عدم الوجوب من استصحاب البراءة الأصلية إلى أن يقوم دليل نقل عنها، انتهى.
١٣ - فصل في ميقات العمرة وهو الحل
قال في "المنهاج": أفضلُ بقاع الحل: الجِعْرَانَّة، ثم التنعيم، ثم الحديبية، وفي "العالم كيرية": التنعيم أفضل.
وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية: لم يكن على عهد النبي ﷺ وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر، لا في رمضان، ولا في غيره، والذين حجوا مع النبي ﷺ فيهم من اعتمر بعد الحج من مكة، إلا عائشة، ولا كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين، انتهى.
وقال الحافظ ابن القيم: لم تكن في عُمْره عُمْرةٌ واحدة خارجًا من مكة كما يفعله كثير من الناس، وإنما كانت عُمَرُه كلها داخلًا إلى مكة، وقد قام بعد الوحي ثلاث عشرة سنة، لم ينقل أنه اعتمر خارجًا من مكة، ولم يفعله أحد على عهده قط إلا عائشة؛ لأنها أهلت بالعمرة، فحاضت، فأمرها، فقرنت، وأخبر أن طوافها بالبيت وبالصفا والمروة قد وقع عن حجتها وعمرتها، فوجدت في نفسها أن ترجع صواحبُها بحجة وعمرة مستقلتين، فإنهن كنَّ متمتعات ولم يحضن،
1 / 53