168

برشحها كثيرا. ثم قال وهذه المدينة قد شاهد أهلها بركة الحجاج والمجاهدين في أمر معاشهم فربما اجتمع فيها من الركبان الذاهبين والائبين خمسة أو ستة ويصادف ذلك في كثير من الأحيان خروج عسكر البحر للجهاد ومع ذلك لا يزيد فيها السعر على ما كان في كل مطعوم بل ربما نقص في الغالب مع أن البلد في كثير أحواله معروف بغلاء الأسعار بالنسبة إلى أرياف النيل وسواحل المغرب وجباله إلى أن أهلها مستكفون بها غاية وراضون بها نهاية وهي جديرة بذلك إذا اجتمع الأركاب فيها كثير الزحام على الأراحي غاية فيلاقي الحجاج من ذلك مشقة ولو لا ما جبل عليها أهلها من السماحة وحسن الخلق لما تهيأ للحجاج اتخاذ الزاد منها لصغرها وكثرة الواردين لا سيما من لم تطل أقامته اه قلت ركبنا لم تطل إقامته في هذه السنة وإنما أقمنا بها نحو العشرة أيام وذلك شأن الأركاب في هذا الزمان لأن الناس يستصحبون معهم الزاد فلا يحتاجون إلا إلى ما قل وقد ذكر شيخ شيوخنا المذكور أنه بعد استقرار المنزل به ذهب لزيارة شيخه الفاضل مفتي البلد سيدي محمد بن أحمد بن مساهل رضي الله تعالى عنه قد استعفى عن الفتوى في آخر عمره وتبتل للعبادة وتدريس العلم مع ملازمة كتب الوعظ والتذكير وله مشاركة في العلوم ملازم التدريس وله سيمة حسنة وحالة مرضية بأن قال ما رأينا سيمة حسنة أولى منه ولا أصدق قولا ولا فعلا منهم وله باع في المطالعة وانقال في المذهب وكان منقطعا عن الاشتغال والتكاليف بحيث لا يفتر عن إقراء العلم صباحا ومساء وصيفا وشتاء بمعنى أنه يديم القراءة وقد اشتغل بالفتوى نحو الأربعين سنة ومع ذلك حمدت سيرته وقد أخذ طريقته عن الولي بلا نزاع بين تلك البقاع سيدي محمد الصيد رضي الله عنه والصيد في لغتهم الأسد وسمي بذلك لكثرة ردعه للظلام وقهره للجبابرة وهو أخذ عن سيدي عيسى بن محمد التلمساني المشهور بأبي معزة وهو أخذ عن الولي الكبير والعلم الشهير سيدي أبي عمرو القسطلاني المراكشي وكان هذا الشيخ

পৃষ্ঠা ১৮৫