* ذكر خروجنا من بسكرة
ثم لما فرغ الناس من قضاء أوطارهم من بيع وشراء وأزدياد زاد ظعنا ضحى الثلاثاء خامس وعشرين من رجب وعشرين من شتنبر ونزلنا سيدي عقبة عصرا وهو عقبة بن نافع الفهري التابعي القرشي ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك عده بعضهم من الصحابة ولاه معاوية بن أبي سفيان علي أفريقية ووجهه إليها في عشرة آلاف من المسلمين فافتتحها وقاتل من بها من النصارى حتى أفنى أكثرهم ثم قال أني أرى أفريقية إذ دخلها أمام أمر أهلها بالإسلام وإذا خرج رجع كل من أجاب دين الله فهل لكم يا معشر المسلمين أن تتخذوا مدينة [القيروان] تكون لنا عزا للأبد فأجابه الناس لذلك واتفقوا على أن يكون أهلها مرابطين وقالوا نقربها من البحر ليتم الجهاد ثم رأوا أن ذلك لا يؤمن معه من كيد الروم لها فأبعدوها عن البحر مخافة من ملك القسطنطينية وقالوا قربوها من السبخة فإن أكثر دوابكم الإبل فتكون في مراعيها على بابها آمنة من البربر والنصارى ولما اتفق رأيهم على ذلك وكان موضع المدينة غيضة نادى عقبة جميع الوحوش والهوام التي كانت بالغيضة وقال لهم أنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونريد أن نبني هنا مدينة وأردنا أحراق هذه الغيضة فاخرجوا منها بإذن الله فخرج كل من كان فيها واختلف أصحابه في موضع القبلة وجعلوا ينظرون مطالع النجوم ليهتدوا إلى سمتها فبات عقبة مهتما فرأى في المنام قائلا يقول له خذ اللواء بيدك إذا أصبحت فإنك تسمع تكبيرا ولا يسمعه احد غيرك فاتبعه فحيثما انقطع التكبير فاركز اللواء فانه موضع القبلة ففعل ذلك وسأل أصحابه هل تسمعون شيئا فقالوا لا فأتبعه حتى انقطع التكبير فركز اللواء بموضع القبلة ولما كانت سنة إحدى وخمسين عزل معاوية عقبة بن نافع عن أفريقية وولى مسلمة بن مخلد مصر وأفريقية فنزل مسلمة مصر واستعمل على أفريقية مولى له يسمى دينارا ويكنى أبا المهاجر انتهى إلى أفريقية كره أن ينزل
পৃষ্ঠা ১২৪