101

وقاربت أن تكون فقراء يبابا لو لا ما تماثل من أسباب عمرانها الموجبة لرغبة الناس في سكناها قال ولقد لقيت بها سنة تسع وخمسين رجلا من الصالحين ممن جمع بين العلم والعمل به الزهد والورع وصدق التوجه إلى الله تعالى واسمه سيدي أبو طيب الناصري لم ترعيني قبله ولا بعده أمثل منه في هديه وسمته تخشع القلوب لوعظه وتلين لكلامه ولو كانت أقسى من الحجر قال ولما رجعت من الحجاز في سنة الستين وجدته قد توفي بالوباء الواقع في تلك السنة وكان وباء مفرطا مات به بسكرة على ما قيل لنا نحو سبعين ألف نفس وقد دخلنا المدينة عقبه فوجدنا أكثر حوماتها خالية ومساجدها داثرة ولقيت بهذه المدينة سيدي محمد الصالح وهو رجل من أهل الخير منفرد في مسجد له بازاء داره يلازم فيه الصلوات الخمس ويجتمع إليه أناس من أصحابه يذكرهم ويعلمهم قال وخرج إلينا أيضا من فقهاء البلد سيدي عبد الواحد الرماني وهو أيضا رجل من أهل الخير غلبت عليه الديانة والانقطاع عن الخلق وقرأ علي أول صحيح البخاري برواية أبي ذر وذهب معنا إلى زيارة سيدي أبي الفضل وصلينا العصر في مسجد سيدي أبي الفضل وفي الغد يوم الخميس ارتحلنا ودخلنا البلد ثانيا لزيارة سيدي محمد بن (1) علي فوجدناه على سطح دار يشرف على الطريق ولم ينزل إلينا وقرأ لنا الفاتحة من هناك ونحن بالطريق ودعا لنا وهو رجل من أهل الأحوال الصالحة مغلوب عليه في أكثر أوقاته تؤثر عنه كرامات قال ولقد لقيته بداره سنة خمس وستين وهو في مرمة له في داره يعمل بها بيده يسنج الثياب وأخبرنا أن فوقه من كسب يده وأخبرنا بحاله ومبدأ أمره مع شيخه وقد انتشر صيته في هذا الوقت بتلك البلاد وله أتباع وأصحاب يجتمعون إليه في أوقات السماع والذكر وسمعنا من بعض الحجاج ممن زاره بعد ذلك أنه قال لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أن النار لا تمس كل من رآك وزعموا أنه قال له ومن رأى من رآك

পৃষ্ঠা ১১৮