عليهم ، لا من فقهائنا ولا من ضلحائنا ، بل صارت هذه البدع عندنا سنة معروفة، وشعارا ظاهرا، فيحق لذلك تملك التتر بلادهم واستيلاؤهم عليهم، بل هم طيبون في دولتهم، لأنهم معتقدون فيهم، معظمون لهم، فهل تقوم الطريقة العمياء إلا في الدولة السوداء ? كما لا تقوم الطريقة المنورة إلا قي الدولة البيضاء ، دولة أهل الإسلام ? ، وربما لم ينقطع أثر الخلفاء في بغداد إلا لكونهم لم ينكروا مثل هذه الأشياء، و[لما] لم يغيروها وسلموها لهم، قطعهم الله تعالى لذلك.
أيها السالك، إن أردت الطريقة المثلى فاعكس هذه الأمور، واعتمد خلافها تصب مراد الله منك، فهذا سلوك لك إن فهمت، وهو كافيك.
أول التوبة - عندهم في البداية - الرقص وخدمة الفقراء ، والنهاية عندهم التي ينتهي إليها الطالب ويحصل الوصول ؛ أن يصير للفقير قبول بين الناس ، ويصير صاحب أخذ وعطاء، [و] من لم يكن كذلك لم يصل، ومن حصل له ذلك فقد كمل، ولهم مع ذلك أمور تكاد تخرجهم من الإسلام، منها: أنهم كانوا يأخذوني - وأنا طفل - إلي زيارة قبة الشيخ، فيمشى في المركب إلى القرية التي هو فيها مدفون - أعني أم عبيدة - فإذا لاحت القبة كشفوا رؤوسهم وتضرعوا وابتهلوا، وربما بكوا وانتحبوا، ورقت قلوبهم ودعوا بحوائجهم فإذا جاؤوا إلى باب قبة الشيخ كشفوا رؤوسهم، وسجدوا على عتبته، وكنت أسجد معهم في صغري، ووقفوا على بابه أذلاء وقوفا طويلا، علم الله ما يعظمون الكعبة كما تعظم قبة الشيخ ، بل هناك في الرواق سارية فإذا رأوا قبة الشيخ - من الذي يستجرئ أن يدخل القبة ? بل فيهم من قد شاخ ولا يدري ما داخل القبة - ثم يطفون سبعا بتلك السارية ، فيكون الوقوف على باب القبة كعرفة ، وتلك السارية كالكعبة ، فيكون ذلك حجا لهم كحج الرافضة إلى قبر الحسين.
وحكى لي بعض شيوخهم مادحا لبعضهم، ومترحما عليه، أنه: كان يحرم إذا لاحت القبة ، ويتجرد من مخيط الثياب حتى يدخل القرية ، ويقضي أربه من الزيارة ، ثم يحل من إحرامه، وفيهم من لا يجز شاربيه إلا عند قبة الشيخ.
পৃষ্ঠা ৩২