مثال الخصوصية التي عند الصوفية وليست عند غيرهم؛ كمن يريد كيفية مذهب مالك وتفصيله، فإنه لا يجد ذلك إلا عند أصحاب مالك، ولو طلب الطالب ذلك من شيوخنا ، لوجد عندهم مذهب مالك معروفا ، بلا تلك الكيفية بل هو عندهم ضمنا وتبعا، والطالب لا يغنيه إلا الكيفية ، فكذلك طالب حقائق التصوف ، لا يجد تلك الكيفية إلا عند أهلها، ويجدها عند شيوخنا الفقهاء مفرقة ضمنا وتبعا لعلمهم.
والكيفية الصوفية إذا حصلت لا تغني بغير فواعد شيوخنا ، لأنها أصول لها تحفظها ، وإلا فتبقى تلك الكيفية مقطوعة، لا أساس لها، فالحمد لله الذي تمم لي رحلتي، وجمع لي مطلبي، في لقاء من يكمل به ديني، وعلم طريقي وحالي.
وجدت أولا من عبر عن الحلال والحرام، ثم عبر عن حقائق المطلوب وهيئة الوصول ، ثم من عبر عن الأصول الشرعية التي هي أصول العقائد والأعمال والمشاهد والأحوال.
فأرجو من كرم الله تعالى أن يوفقني لسلوك طريقة هؤلاء العلماء، في أصول ديني وعقائده، وأعماله وأحواله، وأن يحققني بحقائق إخواني الصوفية من التحقق بحقائق القرب ، ومراتب الوصول والحظوة بالمحبوبية ، والاختصاص والاصطناع والتولي ، وإلى الله تعالى أرغب أن يحشرني على هذا العلم والاعتقاد والعمل، متصلا بهذا الحال الصوفي ، فيكون صاحبه ممن تم حاله وكمل ، وأن يعيذني من صحبة أولئك الأولين في الدنيا والآخرة، وإياه أسأل أن يهديهم أجمعين، ويخرجهم عن سبيل العمين إلى سبيل الذين أنعم عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين وأن يعفو عنا أجمعين، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
পৃষ্ঠা ৫১