রিফা'আ আত-তাহতাবি: মুহাম্মদ আলির যুগের চিন্তাবিদ নবজাগরণের নেতা
رفاعة الطهطاوي: زعيم النهضة الفكرية في عصر محمد علي
জনগুলি
هذا هو صالح مجدي، وهذا موجز عن جهوده، فقد قضى العمر كله يترجم ويؤلف حتى زادت ترجماته ومؤلفاته - كما يقول علي مبارك - «على خمسة وستين كتابا ورسالة».
أبو السعود وصالح مجدي علمان كما قلنا من أعلام خريجي الألسن، وهما خير نموذجين لهؤلاء الخريجين. وعلى مثالهما بذل إخوانهما الجهد في الترجمة والتأليف. ومن صنفهما: محمد عثمان جلال في ميدان الأدب، وقدري باشا في ميدان القانون.
وقد ربطت الحوادث بين هذين العلمين وبين أستاذهما رفاعة، فعملا معه في قلم الترجمة في عصري محمد علي وإسماعيل ، واشتركا معه في تحرير روضة المدارس وفي ترجمة قانون نابليون. غير أنهما رغم هذا اختلفا الواحد عن الآخر في ميادين أخرى، فقد كان صالح مجدي أقرب إلى علي مبارك في دراساته وثقافته الرياضية والعسكرية، ولهذا تعاون في إنتاجه العلمي مع علي مبارك أكثر من تعاونه مع أستاذه رفاعة. ومع هذا فقد كان فضل رفاعة عليه كبيرا، فإن ثقافته الفرنسية والعربية التي تلقاها في مدرسة الألسن هي التي رشحته للعمل في قلم الترجمة في عهدي محمد علي وإسماعيل، وهي التي رشحته للعمل في مدرسة المهندسخانة في عهدي محمد علي وعباس. وثقافته القانونية في الألسن أيضا هي التي رشحته للعمل في ترجمة القوانين ثم لتولي وظيفة القضاء في عصر إسماعيل؛ لهذا كان مجدي أبر التلاميذ بأستاذه، فهو الوحيد من بين تلاميذ رفاعة الذي أرخ له بعد وفاته، فكتب عنه كتابه القيم - رغم صغره - «حلية الزمن بذكر مناقب خادم الوطن».
أما أبو السعود فكان أكثر تأثرا بأستاذه، فقد تخرج من الألسن شغفا كأستاذه بعلمي التاريخ والجغرافيا؛ ولهذا كانت معظم مترجماته ومؤلفاته في هذين العلمين. وقد اعترف بفضل رفاعة عليه وتأثره به في هذا الميدان في مقدمة كتاب عربه في الجغرافية في عصر إسماعيل، ونشره بالتتابع في صحيفته وادي النيل، ثم طبعه على حدة تحت عنوان: «الدرس المختصر المفيد في علم الجغرافيا الجديد». قال: «وكان قد سبقني في انتهاج هذا المنهاج ... في منتصف هذا القرن الأخير (19) وأول عهد المرحوم محمد علي باشا الكبير، حضرة أستاذي رفاعة بك أفندي الشهير. وهو وإن كان لم يزل له فضل السبق، وكان بالاحترام والتبجيل أحق، ولربما جئت بالغث وجاء بالسمين، وتزييت بالرث وتزيى بالثمين، غير أنه لما كان هذا العلم عبارة عن استقصاء حقيقة أحوال هذا العالم السريع الانتقال من حال إلى حال، واستمرار تنقل الملل والنحل، وغير ذلك من التقلبات الموالية على ممر الأوقات واللحظات، احتاج هذا العلم لمن يقف له بالمرصاد، ويبذل في خدمته على الدوام - كالحاصل في البلاد المتمدنة - كل الاجتهاد؛ فلذلك قفوت من أستاذي الأثر، وحذوت حذوه في مشقة ذلك السفر ... وإذا كان أستاذي حفظه الله قد أتى من هذا الأكل بالباكورة فقد أتيت بوفرة الثمر، أو كان قد بدر بالبدر فقد جئت بالشمس والقمر. وإذا كان قد جاء بالتعريبات الشافية في علم الجغرافيا، فهذه الرسالة بحمد الله هي الخلاصة الكافية ...»
رفاعة الرجل
آمن محمد علي منذ قدم إلى مصر أن سر تفوق الغرب على الشرق إنما هو علوم الغرب ونظمه الجديدة؛ ولذلك اتجهت جهوده الإصلاحية كلها إلى نقل هذه العلوم وهذه النظم إلى مصر. ولقد كان محمد علي حكيما الحكمة كلها في هذا، لأنه نقل الغرب إلى مصر ولم ينقل مصر إلى الغرب، فاحتفظت مصر - وهي تنقل عن الغرب حضارته - بشرقيتها.
وكان رفاعة رافع الطهطاوي خير نموذج للرجل الذي أراد محمد علي أن يخرجه ويكونه للمشاركة في حكم مصر وتعليم المصريين العلوم الجديدة، فهو قد قبس قبسين: قبسا من علم الشرق وقبسا من علم الغرب.
وقد فهم رفاعة عن محمد علي سياسته فاتبعها مع تلاميذه في الألسن، وخرج تلاميذه - في جملتهم - صورا منه يتقنون اللغة العربية وعلومها واللغات الأجنبية وعلومها؛ وبهذا استطاع محمد علي واستطاع رفاعة أن يصبغا الثقافة المصرية في القرن التاسع عشر ويوجهاها حتى اليوم الوجهة الصالحة الطيبة.
كان أصحاب رفاعة يسمونه «الشيخ رفاعة»، فلما سافر إلى باريس كان أصدقاؤه من الفرنسيين والمستشرقين ينادونه ب «المسيو رفاعة». ولما عاد إلى مصر وعين في المدارس الجديدة سمته الحكومة «رفاعة أفندي»، ولكنه رقي بعد ذلك إلى رتبة القائمقام فأصبح لقبه «رفاعة بك». وقد رقي رفاعة - منذ عاد من باريس - في سلم الرتب العسكرية من الملازم الثاني إلى أمير الآلاي.
كان رفاعة دائم العمل، دائب النشاط، واسع العلم، وافر الذكاء، كثير الإنتاج، ومع هذا لم يمنح في حياته لقب «الباشوية» ولم يصل كغيره إلى مرتبة «النظارة»، وهذا أمر يبدو غريبا. وإن كان الأستاذ عبد الرحمن الرافعي بك يعلله بما كان يمتاز به رفاعة من شمم وإباء وشهامة، فهو يقول: «ولا يمكن تعليل كل ذلك من ناحية الكفاءة والجدارة؛ فإن كفاءة رفاعة بك كانت منقطعة النظير، وجدارته معترف بها من الجميع، فبقاؤه في «نظارة قلم الترجمة» وعدم بلوغه مرتبة الوزارة - وهي النهاية التي يتطلع إليها من ينتظمون في سلك المناصب الحكومية - لا بد أن يكون ذلك راجعا إلى ما اتصف به رفاعة بك من الشمم والإباء؛ فإن هذه الصفات على كونها من أسمى الفضائل ليست محببة إلى الرؤساء وولاة الأمر، ولا ترغبهم كثيرا في أصحابها، ولا تميل بهم إلى إسناد المناصب الرفيعة إليهم.»
অজানা পৃষ্ঠা