أَخْبَارُ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ [١]
قَالَ: فَنَادَاهُ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ: نُصْبِحُ وَنَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ: فَانْصَرَفَ النَّاسُ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ انْحَازَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ﵁، وَانْحَازَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْخَزْرَجِيِّ [٢] فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ [٣]، قَالَ: وَجَلَسَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ فِي مَنْزِلِهِ مَغْمُومًا بِأَمْرِ النبي ﵌، وَعِنْدَهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَفِيهِمُ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، قَالَ: وَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ جَمِيعِ جَنَبَاتِ الْمَدِينَةِ يَسْمَعُونَ مَا يَكُونُ مِنْ كَلامِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ مِنَ الأَنْصَارِ يَوْمَئِذٍ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ [٤] ذُو الشَّهَادَتَيْنِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، إِنَّكُمْ قَدْ قَدَّمْتُمْ قُرَيْشًا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، يَتَقَدَّمُونَكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَنْتُمُ الأَنْصَارُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿،
_________
[١] انظر خبر السقيفة في السيرة النبوية ٢/ ٦٥٦- ٦٦١، وتاريخ الطبري ٣/ ٢٠٣- ٢١١.
[٢] سعد بن عبادة بن ديلم بن حارثة الخزرجي، صحابي كان سيد الخزرج وأحد الأمراء الأشراف في الجاهلية والإسلام، شهد العقبة مع السبعين من الأنصار، وشهد أحدا والخندق وغيرهما، وكان أحد النقباء الإثني عشر، ولما توفي النبي ﵌ طمح إلى الخلافة ولم يبايع أبا بكر، خرج في زمن عمر إلى الشام مهاجرا فمات بحوران سنة ١٤ هـ-.
(تهذيب ابن عساكر ٦/ ٨٤، الإصابة ٣/ ٦٥- ٦٧، صفة الصفوة ١/ ٢٠٢، ابن سعد ٣/ ١٤٢، البدء والتاريخ ٥/ ١٢٣، الأعلام ٣/ ٨٦) .
[٣] سقيفة بني ساعدة: بالمدينة، وهي ظلة كانوا يجلسون تحتها، فيها بويع أبو بكر الصديق ﵁، قال الجوهري: السقيفة: الصّفّة، ومنه سقيفة بني ساعدة، وبنو ساعدة حي من الأنصار وهم بنو ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو، منهم سعد بن عبادة بن ديلم الخزرجي. (ياقوت: سقيفة بني ساعدة) .
[٤] خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الأنصاري، صحابي من أشراف الأوس في الجاهلية
1 / 32