রিচার্ড ফাইনম্যান: বিজ্ঞানে তাঁর জীবন
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
জনগুলি
أفلتت حلول بعض هذه المشكلات من فاينمان، غير أن تأثير أفكاره كان جليا بشكل لا تخطئه العين. خذ على سبيل المثال «مشكلة أفلتت منه»، وهي مشكلة الموصلية الفائقة. فلم ينجح فاينمان مطلقا في التوصل إلى الاكتشاف الفيزيائي الذي توصل إليه علماء الفيزياء جون باردين وليون كوبر وروبرت شريفر لتفسير هذه الظاهرة - ويرجع ذلك بصورة كبيرة إلى أن فاينمان لم يحاول متابعة الأبحاث السابقة في هذا المجال متابعة كاملة، وهي سمة مزعجة في شخصيته جعلت عددا من الاكتشافات الأساسية يفوت عليه - غير أن منهجهم استعار الكثير من الأفكار التي طرحها فاينمان لدراسة خصائص المواد بصفة عامة، والأفكار التي ابتكرها لتفسير الميوعة الفائقة بصفة خاصة. كان أول بحث وضعه فاينمان وطبق فيه النهج الزمكاني الذي ابتكره لفهم خصائص الإلكترونات في المواد يشرح بالتفصيل أهمية تزاوج الإلكترونات للأنماط الاهتزازية داخل المادة. وتبين أن هذا التزاوج ذو أهمية بالغة لفهم التفاعلات التي تسمح لأزواج الإلكترونات بالارتباط معا والتكثف في موصل فائق. وفي الحقيقة، كان شريفر - قبل عام من توصله هو وزملاؤه أخيرا إلى حل للمشكلة، وهو الحل الذي تسبب في فوزهم بجائزة نوبل - حاضرا وسط جمهور يستمع إلى فاينمان وهو يتحدث عن الميوعة الفائقة والموصلية الفائقة، وانبهر بسماع فاينمان يتحدث بالتفصيل عن أفكاره الخاطئة بشأن الموصلية الفائقة. كان أسلوبهم في فهم الموصلية الفائقة هو أن يعرفوا بالضبط - تماما كما فعل فاينمان - كيف يمكن لتكثف شبيه بتكثف بوز-أينشتاين أن يتشكل في هذه الحالة لجسيمات مثل الإلكترونات، التي هي ليست بوزونات. وكان يأتي على نفس القدر من الأهمية إثبات أن ثمة فجوة في الطاقة بين الحالة القاعية للطاقة والحالات المستثارة - مثلما أثبت فاينمان - بحيث إنه عند الطاقات المنخفضة، لا يمكن حدوث التصادمات التي تصنع في الأحوال الأخرى الاستثارات التي تبدد الطاقة.
كانت أفكار فاينمان بشأن الكيفية التي يدخل بها الزخم الزاوي في سائل فائق الميوعة أرغم على الدوران - من خلال تكوين دوامات - تدل أيضا على بصيرة نافذة بشكل لافت للنظر. وتحدث ظاهرة مماثلة تماما في الموصلات الفائقة؛ إذ لا يسمح الموصل الفائق في الأحوال العادية لمجال مغناطيسي بالتواجد بداخله، تماما مثلما لا يميل السائل فائق الميوعة إلى الحركة في دوامات دائرية. ولكن، كما أوضح فاينمان، لو أن السائل أرغم على الدوران (مثلا بتعريضه لضغط مرتفع وتجميده، ثم تدويره وتركه ينصهر)، فإن الدوران سيحدث عن طريق صنع دوامات. ولاحقا أوضح أليكسي أبريكوسوف أنه بالإمكان إرغام خطوط مجال مغناطيسي على المرور عبر موصل فائق، غير أنها أيضا سوف تنفذ من خلال الموصل الفائق في صورة خطوط دوامية رفيعة. وقد فاز بجائزة نوبل عن أبحاثه وقال في خطاب تسلم الجائزة إنه وضع مقترحه الأصلي في درج لأن لانداو لم يهتم به كثيرا. ولم يجد أبريكوسوف في نفسه الشجاعة لنشر أفكاره حول الدوامات المغناطيسية إلا بعد تعرفه على أفكار فاينمان بشأن الدوامات الدوارة داخل السوائل فائقة الميوعة. وهكذا كان غزو فاينمان لفيزياء المواد الكثيفة مهما وملحوظا، ليس فقط بسبب الأسلوب الذي به أدى حدسه للتوصل إلى أفكار جوهرية متبصرة، ولكن أيضا بسبب الطريقة التي وضع بها بصمته في هذا المجال، من خلال عدد من الأبحاث يعد على أصابع اليد الواحدة.
خلال هذه الفترة، استمتع فاينمان بالتواصل مع مجتمع جديد من علماء الفيزياء، لكنه عانى أيضا مشاعر القلق التي تنتاب المرء عندما يقتحم مجالا خارج نطاق خبرته. ففي بعض الأحيان تتعرض لمن يحرجونك . فعلى سبيل المثال، بعد أن أدهش فاينمان تلامذة أونساجر بتنبؤاته حول الدوامات في مؤتمر دعي للتحدث فيه، واتته فرصة للقاء أونساجر في اجتماع لمناقشة فيزياء المواد الكثيفة. وعلى مائدة العشاء، وقبل أن يلقي فاينمان كلمته، سأله أونساجر: «إذن أنت تعتقد أن لديك نظرية عن الهيليوم السائل؟» فأجابه فاينمان: «نعم أعتقد هذا.» واكتفى أونساجر بالرد بأن زفر: «هممم.» على نحو جعل فاينمان يظن أن أونساجر لم يكن يتوقع منه الكثير.
غير أنه في اليوم التالي، عندما قال فاينمان إن هناك جانبا من التحول الطوري لم يفهمه، انطلق أونساجر متحدثا على الفور: «السيد فاينمان مستجد في مجالنا، ومن الواضح أن هناك شيئا لا يعلمه عنه، وعلينا أن نعلمه.» تسمر فاينمان مبهوتا، غير أن أونساجر واصل الحديث قائلا إن الشيء الذي لم يفهمه فاينمان بشأن الهيليوم هو شيء غير مفهوم بشأن أي مادة أخرى، وأردف قائلا: «ومن ثم فإن حقيقة عدم استطاعته فهمه فيما يتعلق بالهيليوم لا تعكس مطلقا قيمة إسهامه في فهم بقية الظواهر.»
بهت فاينمان بهذا الدفء الذي أظهره أونساجر حتى إنه واصل الالتقاء به ومناقشة الأمور معه، على الرغم من أن فاينمان كان هو المتحدث في أغلب الأوقات؛ فأونساجر لم يكن متحدثا مفوها مثل شباب المزارعين ذوي الأصول النرويجية القادمين من ولاية مينسوتا الذين كان جاريسون كيلور يستضيفهم في برنامجه الإذاعي، ولكنه كان ينحدر من الأصول النرويجية نفسها، ولم يكن يتكلم إلا نادرا، وعندما يشعر أن لديه ما يقوله حقا.
ومع أن فاينمان ربما فاتته بعض الجوائز الإضافية، فإن جائزته الكبرى كانت تتمثل دائما في فهم الفيزياء. ولو أنه شعر يوما بالغيرة أو بالندم على جائزة فقدها، أو تقدير أخطأه ولم يكن في محله، فإنه لم يكن يظهر ذلك. وهناك العديد من الأمثلة على بحثه في أمر ما من أجل إرضاء نفسه، دون أن يشعر باحتياج إلى كتابة بحث فيه، ثم يجذب شخص آخر الانتباه إليه وينال التقدير عن نفس الفكرة التي كان هو سباقا إليها. وفوق ذلك، عندما كان يكتشف أن شخصا آخر لديه فكرة مشابهة لفكرته، كان في أغلب الأحيان يحيل إلى عمل هذا الشخص وليس إلى عمله هو. فعلى سبيل المثال، وربما كرد فعل لحفاوة أونساجر الفكرية في أول لقاء لهما، كان دائما ما ينسب الفضل لأونساجر عن فكرة الدوامات، على الرغم من أنه لم يعرف شيئا عن أبحاث أونساجر إلا بعد أن توصل لنتائجه بفترة طويلة.
ولعل أحد أبرز الأمثلة على إنكار فاينمان لذاته في هذا الصدد هو ما حدث بعد عشرين عاما من بدئه لأول مرة في التفكير في الهيليوم السائل والدوامات. فعندما كان يفكر في الأنظمة ثنائية الأبعاد مثل الغلالات الرقيقة من الهيليوم السائل أدرك فاينمان أن الظهور المحتمل للدوامات من الممكن أن يحدث تغييرا جذريا في خصائصها، ينتج عنه نوع من التحول الطوري يخرق بوضوح نظرية رياضية شهيرة عن سلوك تلك الأنظمة ثنائية الأبعاد. بل لقد كتب بحثا عن هذا الموضوع. إلا أنه اكتشف أن اثنين من شباب الفيزيائيين وكانا بعد لا يزالان مغمورين، وهما جون كوسترليتز وديفيد ثوليس، وضعا لتوهما بحثا مشابها حول نفس الفكرة. وبدلا من أن يتجاهلهما أو يسبقهما في النشر، قرر فاينمان ألا ينشر بحثه، مكتفيا وقانعا بكونه تمكن من حل المسألة بنفسه. وصار التحول الطوري الشهير بعد ذلك يعرف باسم تحول «كوسترليتز-ثوليس».
ولكن بقدر ما استمتع فاينمان بتلك الإجازة من ميدان فيزياء الجسيمات التجريبي والنظري غير المستقر، ظل يتوق لاكتشاف قانون جديد للطبيعة، وكانت الفيزياء الأساسية الأكثر تطورا هي أفضل الاحتمالات المتاحة أمامه. وهكذا، حتى وهو يعمل في بحث الهيليوم السائل، كان يحاول في الوقت نفسه ملاحقة ما يجري على الساحة في ميدانه الأصلي. كان ديراك قد توصل إلى معادلته. أما فاينمان فلم يكن قد توصل إلى معادلته بعد.
الفصل الثالث عشر
الاختباء داخل المرآة
অজানা পৃষ্ঠা