============================================================
عقله فلا يحدث نفسه بشيء سوى ما يستمع إليه، ويعزم أن يفهم فيعمل بما يفهم لأن أول ما أدب الله تعالى به المؤمنين (1) : أن يقدموا الإرادة والعزم على طلب الهم عنه ، ثم يستمعوا باحضار عقوهم، ونياتهم في ذلك أن يفهموا عنه فيعملوا له ما يفهمون عنه.
(قال بعض الحكماء: " تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام، فإن من حسن الاستماع إمهال المتكلم حتى يقضي حديثه، وقلة التلفت إلى الجواب، والاقبال بالوجه، والنظر إلى المتكلم والوعي في أن يفهموا عنه فيعملوا له بما يفهمون عنه") (2).
حدثنا الغلابي قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول: " أول العلم حسن الاستماع، ثم الفهم، ثم الحفظ، ثم العمل، ثم النشر".
وضرب بعض الحكماء مثلا لذلك كله فقال: " إن الباذر خرج ببذره ، فملأ (3) منه كفه فبذر، فوقع منه شيء على ظهر الطريق فلم يلبث أن انحط الطير عليه فاختطفه، ووقع منه نيء على صفا - يعني حجرا آملس - عليه تراب يسير، وندى قليل، فنبت، حتى إذا وصلت عروقه إلى الصفا لم يجد مساغا ينفذ فيه فيبس ووقع منه شيء في آرض طيبة فيها شوك نابت، فنبت البذر، فلما ارتفع خنقه الشوك فأفسده واختلط به ، ووقع منه شيء على آرض طيبة ليس على ظهر طريق (4) ، ولا على صفا، ولا فيها شوك، فنبت ونما وصلح" .
فمثل الباذر : مثل(5) الحكيم. ومثل البذر : مثل (2) صواب الكلام يتكلم به الحكيم.
ومثل ما وقع على ظهر الطريق : مثل الرجل يستمع الكلام وهو لا يريد أن :(1) في ط: ما آدب الله به عز وجل عباده المؤمنين.
(2) ما بين الحاصرتين: سقط من ط (3) في ط: وملأ.
(4) في ط: الطريق.
5 - 6) في ط: كمثل.
পৃষ্ঠা ২৯