155

============================================================

كما يروى عن وهب، أنه قال : كمون الشهوة في القلب ككمون النار في العود : إن قدح أوري (1) وإن ترك خفي، وقال : الرياء أبينه كذب وأخفاه مكيدة، يعني أه يخفي على من غفل ويتبين لمن يتفقده بالعلم وينظر إليه بالمعرفة.

ومن علم شدةة حاجته إلى صافي الحسنات غدا في القيامة، غلب على قلبه حذر الرياء وتصحيح الإخلاص بعمله حتى يوافي يوم القيامة بالخالص المقبول، إذ علم أنه لا يخلص إلى الله جل ثناؤه إلا ما خلص منه ، ولا يقبل يوم القيامة إلا ما كان صافيا لوجهه، لا تشوبه إرادة بشيء غيره.

الم تر إلى العباد يتجاوزون بينهم النقد في الورق والذهب، فيأخذ بعضهم من بعض الدرهم المردود والرديء من النقد في الحضر والأمصار؟ فإذا أراد أحدهم طريق مكة أو غيرها لم يأخذ من النقد إلا الجيد الصافي ، لمعرفته أن طريقه يقل فيه العطف من العباد بعضهم على بعض، والمواساة لشدة سفرهم وبعد شقتهم، فيخاف أن يأخذ دراهم رديئة أو دنانير مردودة، فيبدلها في إداوة من ماء، أو قربة من ماء، أو في زاد، أو في كراء يتحمل به فترد عليه ، فيقطع به في موضع الحاجة حيث تقل المواساة، ويعز التعاطف من الناس بعضهم على بعض، وهو في الحضر يتجاوز الرد والمردود، رجاء إن رد عليه رده وأبدله وإن رده وجد عوضا منه من ملك له أو قرض من غيره، فكذلك من عقل تخاذل العباد في القيامة، وتبري بعضهم من بعض، حتى تود الوالدة أنه جعل ها على ولدها حق تأخذ به لشدة حاجتها إلى شيء يثقل به ميزانها، ويزيد في حسناتها، ولعظيم (2) ما عاينت (3) .

فمن عقل شدة ذلك اليوم وشدة فقره إلى صافي الحسنات، خشي أن يأتي يوم القيامة بغدو أو رواح إلى علم أو صلاة أو صيام أو خشوع، أو غزو أو كره على (1) في ط: أرى.

(2) في ط: ولتعظيم ما عانيت.

(3) لمعرفة تفاصيل أوفى لأهوال يوم القيامة انظرها في أبوابها من (تذكرة القرطي ، النهاية لابن كثير ، البدور السافرة للسيوطي، العاقبة للحافظ عبد الحق الاشبيلي الخراط) والأخيران مخطوطان في فهرس الحديث بدار الكتب المصرية والآداب والفضائل بالأزهرية.

পৃষ্ঠা ১৫৪