قلوبُهم" (^١). ولهذا قال الله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق/ ٣٧]، قالوا: شاهدُ القلب غير غائبِه.
ولهذا ذمَّ العلماء، الراسخون والمؤمنون الصادقون من اقتصر في إعجاز القرآن على ما فيه من الإعجاز من جهة لفظه أو تأليفه أو أسلوبه، وقالوا: هذا وإن كان معجزًا فنسبته إلى ما في معانيه من الإعجاز نسبة الجسد إلى الروح، ومحاسن الخَلْق إلى محاسنِ الخُلُق، وهو يُشبِهُ مَن عظَّم النبي ﷺ بمحاسنِ خَلْقِه وبدنِه، ولم يعلم ما شرَّف الله به قلبَه الذي هو أشرفُ القلوب ونفسَه التي هي أزكى النفوس، من الأمور التي تَعجزُ القلوبُ والألسنةُ عن كمال معرفتها وصفتها، كما قال ابن مسعود (^٢): "إنّ الله نظَر في قلوبِ العباد، فوجدَ قلبَ محمدٍ خيرَ القلوب، فاصطفاه لرسالته، ثم نظر في قلوب أصحابِه بعد قلبِه، فوجدَ قلوبهم خيرَ القلوب، فاختارهم لصحبة نبيِّه وإقامةِ دينِه". وأظنُّه فيه أو في غيره (^٣): "فما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئًا فهو عند الله سيء". وقال (^٤): "من كان منكم مستنًّا فليستنَّ بمن قد مات،