: «وانفراد الثقة بالحديث لا يضره» (١) .
وتأسيسًا عَلَى ما أصّلناه من قَبْل من أن تفرد الرَّاوِي لا يضر في كُلّ حال، ولكنه ينبه الناقد عَلَى أمر ما، قَالَ المعلمي اليماني: «وكثرة الغرائب إنما تضر الرَّاوِي في أحد حالين:
الأولى: أن تكون مع غرابتها منكرة عن شيوخ ثقات بأسانيد جيدة.
الثانية: أن يَكُوْن مع كثرة غرائبه غَيْر معروف بكثرة الطلب» (٢) .
وتمتع هَذَا الجانب من النقد الحديثي باهتمام النقاد، فنراهم يديمون تتبع هَذِهِ الحالة وتقريرها، وأفردوا من أجل ذَلِكَ المصنفات، مِنْهَا: كتاب " التفرد " (٣) للإمام أبي داود، و" الغرائب والأفراد " (٤) للدارقطني، و" المفاريد " (٥) لأبي يعلى، واهتم الإمام الطبراني في معجميه الأوسط والصغير بذكر الأفراد، وكذا فعل البزار في مسنده، والعقيلي (٦) في ضعفائه. وَهُوَ ليس بالعلم الهيّن، فهو «يحتاج لاتساع الباع في الحفظ، وكثيرًا ما يدعي الحافظ التفرد بحسب علمه، ويطلّع غيره عَلَى المتابع» (٧) .
(١) نصب الراية ٣/٧٤.
(٢) التنكيل ١/١٠٤.
(٣) هُوَ مفقود وَكَانَ موجودًا في القرن الثامن، والمزي ينقل مِنْهُ كثيرًا في تحفة الأشراف انظر عَلَى سبيل المثال ٤/٦٣٠ (٦٢٤٩)، والرسالة المستطرفة: ١١٤.
(٤) وَقَدْ طبع ترتيبه للمقدسي في دار الكتب العلمية ببيروت عام ١٩٩٨ م.
(٥) طبع بتحقيق عَبْد الله بن يوسف جديع في دار الأقصى، الكويت، الطبعة الأولى ١٩٨٥ م.
(٦) هُوَ الحافظ الناقد أبو جعفر مُحَمَّد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي الحجازي صاحب كتاب
" الضعفاء الكبير "، توفي سنة (٣٢٢ هـ) .
سير أعلام النبلاء ١٥/٢٣٦ و٢٣٨، والعبر ٢/٢٠٠، وتذكرة الحفاظ ٣/٨٣٣ – ٨٣٤.
(٧) نكت الزركشي ٢/١٩٨.
1 / 325