فبعد هذا كله نقول: لا يصح بحال استعمال هذه القاعدة أو غيرها من قواعد التوثيق الإجمالي، في رفع مرتبة راوٍ، ومن ثم قبول حديثه، إذ قبول الحديث يترتب عليه إثبات شرع، ورحم الله الحافظ ابن حجر إذ يقول: «وليحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل؛ فإنه إن عدل أحدًا بغير تثبت، كان كالمثبت حكمًا ليس بثابت، فيخشى عليه أن يدخل في زمرة «من روى حديثًا وهو يظن أنه كذب» . وإن جرح بغير تحرز؛ فإنه أقدم على الطعن في مسلم بريء من ذلك، ووسمه بميسم سوء يبقى عليه عاره أبدًا والآفة تدخل في هذا تارة من الهوى والغرض الفاسد – وكلام المتقدمين سالم من هذا غالبًا – وتارة من المخالفة في العقائد» (١) .
وخلاصة القول: إنه لا يحق لنا ولا لغيرنا توثيق أحد من شيوخ أبي داود على هذه القاعدة، وأن من ذكر ما ذكر من العلماء فإنما عنوا القبول العام لا التوثيق المطلق، وما أوقع المحررين في توثيق شيوخ أبي داود على هذه القاعدة افتقارهم إلى التوثيق واحتياجهم إلى ذلك من أجل مخالفة أحكام الحافظ.
الدكتور ماهر ياسين الفحل
(١) نزهة النظر: ص (١٩٢، ١٩٣) . مع نكت الحلبي.
1 / 321