قال المسعودى: ذكر عون عن أبى راشد العبدى، قال: لما ظفر الحجاج بسعيد بن جبير، ووصل إليه فقال له: ما اسمك؟، قال: سعيد بن جبير، قال: شقى بن كسير، قال: أبى كان أعلم باسمى منك. قال: قد شقيت ويشقى أبوك. قال له: الغيب يعلمه غيرك، قال: لا بد لك بالدنيا نارا تلظى، قال: لو علمت أن ذلك بيدك ما اتخذت إلها غيرك. قال: ما قولك فى الخلفاء؟، فقال: لست عليهم بوكيل، قال: فاختر أى قتلة أقتلك؟، قال: فاختر يا شقى لنفسك، فو الله ما قتلتنى اليوم قتلة إلا قتلتك فى الآخرة بمثلها. فأمر به فأخرج ليقتل، فلما ولى ضحك. فأمر الحجاج برده، وسأله عن ضحكه. فقال: عجبت من جرأتك على الله، وحلم الله عنك. فأمر بذبحه، فلما كب لوجهه قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأن الحجاج غير مؤمن بالله، ثم قال: اللهم لا تسلطه على قتل أحد بعدى بذبح، وأجيز رأسه، فلم يعش الحجاج بعده إلا خمسة عشر يوما، حتى وقعت فى جوفه الأكلة، فمات من ذلك فى سنة خمس وتسعين وهو ابن أربع وخمسين سنة بواسط، وكان يأمر على الناس عشرين سنة وأحصى من قتل سوى من قتل فى عساكره وحروبه فوجد مائة ألف وعشرون ألفا ومات فى حبسه خمسون ألف رجل وثلاثون ألف امرأة، منهم ست عشرة ألف مجردة، وقد كان محبس الرجال والنساء فى موضع واحد ولم يكن بحبسه سقف 32.
وتوفى أبو يزيد السايب بن يزيد الكندى فى سنة اثنتين وثمانين، ويقال: إحدى وتسعين، وكان فى الثامنة والثمانين من عمره، وتوفى أبو يزيد مولى عمر بن الحارث المخزومى فى سنة خمس وثمانين، وروى ثمانية عشر حديثا، وتوفى أبو إبراهيم عبد الله أبى أوفى الأسلمى، وروى خمسة وتسعين حديثا عن النبى (عليه السلام) وأبو العباس سهل بن سعد بن مالك الخزرجى الأنصارى، وكان فى السادسة والتسعين من عمره فى المدينة، وروى مائة وثمانية وثمانين حديثا، وتوفى زين العابدين فى المدينة فى سنة خمس وتسعين، وكان عمره ستة وأربعين عاما، وكانت مدة إمارة الوليد تسعة أعوام وتسعة أشهر.
أبو أيوب سليمان بن عبد الملك:
تربع على عرش الخلافة بعد أخيه، ولما كان الوليد ظالما، قل فى عهده هطول المطر، وقحط الناس قحطا عظيما، ولما أفضت الخلافة إلى سليمان، واشتغل بالعدل والإنصاف، أرسل الحق تعالى فى عصره المطر، وتمت نعمة السعادة فى العالم، ولذلك لقبوه بمفتاح الجنة، وأمه وليدة بنت العباس، وكاتبه الليث بن أبى رقية، وحاجبه غلامه عبيدة، وخاتمه (آمنت بالله حسبى الله ونعم الوكيل)، توفى فى يوم الجمعة العاشر، ويقال: الثامن من شهر صفر سنة تسع وتسعين فى مرج دابق من توابع دمشق، وكان عمره تسعة وثلاثين عاما، وكانت مدة إمارته عامين وثمانية أشهر وخمسة أيام، ويقال: سنتين وتسعة أشهر وثمانية عشر يوما.
عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم:
পৃষ্ঠা ১৩৭