الشافعي رح إلى عدم الوجوب والحق الأول، ويؤيده ما وقع منه ﷺ من الأمر بالغسل عند الإسلام لواثلة بن الأسقع وقتادة الرهاوي رض كما أخرجه الطبراني رح وأمره أيضا لعقيل بن أبي طالب رض كما أخرجه الحاكم رح في تاريخ نيسابور وفي أسانيدها مقال.
فصل "والغسل الواجب هو أن يُفيض الماء على جميع بدنه أو ينغمس فيه" أقول: الغسل شرعًا ولغة هو ما ذُكر وقد وقع النزاع في دخول الدلك في مسمى الغسل ولكنه لا يخفى أن مجرد بل الثوب أو البدن من دون دلك لا يسمى غسلًا كما يفهم ذلك من الاستعمالات العربية وكما يفيد ذلك ما تقدم في بول الصبي أنه ﷺ أتبعه الماء ولم يغسله وهو في صحيح مسلم رح وغيره، مع المضمضة والاستنشاق فقد ثبتا في الغسل من فعله ﷺ ووجه الوجوب ما قدمناه في الوضوء وفيهما وفي السواك إزالة المخاط والبَخر "والدلك لما يمكن دلكه ولا يكون شرعيا إلا بالنية لرفع موجبه" لما قدمناه في الوضوء، "ونُدب" لا أنه وجب لأنه يصدق الغسل ويوجد مسماه بالإفاضة على جميع البدن من غير تقدم، "تقديم غسل أعضاء الوضوء إلا القدمين" لما قد ثبت في الصحيحين وغيرهما أنه كان ﷺ إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض على سائر جسده ثم يغسل رجليه، وهو من حديث عائشة رض وورد في الصحيحين وغيرهما من حديث ميمونة رض بلفظ: أنه ﷺ أفرغ على يديه فغسلهما مرتين أو ثلاثًا ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره ثم دلك يده بالأرض ثم مضمض واستنشق ثم غسل وجهه ويديه ثم غسل رأسه ثلاثًا ثم أفرغ على جسده ثم تنحى من مقامه فغسل قدميه، وثبت عنه ﷺ أنه كان لا يتوضأ بعد غسل كما أخرجه أحمد وأهل السنن رح وقال الترمذي رح: حسن صحيح، وأخرجه البيهقي رح أيضا بأسانيد جيدة وقد روى ابن أبي شيبة رح عن ابن عمر رض مرفوعًا وموقوفًا أنه قال لما سئل عن الوضوء بعد الغسل: وأي وضوء أعم من الغسل، وروي عن حذيفة رض أنه قال: "أما يكفي أحدكم أن يغتسل من قرنه إلى قدمه حتى يتوضأ".
1 / 53