جماعة من أهل العلم كما تقدم ومن أراد الاطلاع على مذاهب العلماء وأدلتهم في هذه المسألة فهي مستوفاة في مؤلفات شيخنا العلامة الشوكاني، وأما حمل الوضوء على غسل اليد فالواجب علينا حمل ألفاظ الشارع على الحقائق الشرعية إن وجدت وهي ههنا موجودة فإنه في لسان الشارع وأهل عصره لغسل أعضاء الوضوء لا لغسل اليد فقط ولم يصح من أحاديث الغسل قبل الطعام وبعده شيء. "والقيء" وجهه ما روي عنه ﷺ: أنه قاء فتوضأ. أخرجه أحمد رح وأهل السنن رح. قال الترمذي هو أصح شيء في الباب وصححه ابن منده رح وليس فيه ما يقدح في الاحتجاج بت، ويؤيده أحاديث منها حديث عائشة رضي الله تعالى عنها عنه ﷺ: "من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ" وفي إسناده إسماعيل بن عياش وفيه مقال وفي الباب عن جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم والمجموع ينتهض للاستدلال بت، وقد ذهب إلى ذلك أبو حنيفة رح وأصحابه رح وذهب الشافعي رح وأصحابه رح إلى أنه غير ناقض وأجابوا عن أحاديث الوضوء من القيء بأن المراد بها غسل اليدين ولا يخفى أن الحقيقة الشرعية مقدمة، وفي الحجة البالغة قال إبراهيم رح بالوضوء من الدم السائل والقيء الكثير والحسن رح الوضوء من القهقهة في الصلاة ولم يقل: بذلك آخرون وفي كل ذلك حديث لم يُجمع أهل المعرفة بالحديث على تصحيحه، والأصح في هذه أن من احتاط فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن لا فلا سبيل عليه، وفي صراح الشريعة والدم السائل والقيء الكثير ملوثان للبدن مبلدان للنفس والقهقهة في الصلاة خطيئة تحتاج إلى كفّارة فلا عجب أن يأمر الشارع بالوضوء من هذه ولا عجب أن يأمر ويرغب فيه من غير عزيمة، وفي المسوى قال الشافعي رح: خروج النجاسة من غير الفرجين لا يوجب الوضوء وقال أبو حنيفة رح: يوجبه بشرط انتهى١. ونحوه والمراد بنحو القيء هو القلس والرعاف والخلاف في القلس كالخلاف في القيء. قال الخليل: هو ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه وليس بقيء، وفي النهاية: القلس ما خرج من الجوف، ثم ذكر مثل كلام الخليل. وأما الرعاف فقد
_________
١ الأحاديث المروية في نقض الوضوء بالقيء ضعيفة لا تصلح للاحتجاج وكذلك ما ورد في النقض بخروج النجاسة من غير السبيلين. وأما أحاديث نقض الوضوء بالقهقهة فإنها من أضعف الحديث بل حكم كثير من الحفاظ بأنها موضوعة والحق أن ليس شيء من هذا ناقضا للوضوء.
1 / 46