الأمر بتخليل الأصابع فإنه يستلزم الأمر بالغسل؛ لأن المسح لا تخليل فيه بل يصيب ما أصاب ويخطئ ما أخطأ والكلام على ذلك يطول جدا. والحاصل: أن الحق ما ذهب إليه الجمهور من وجوب الغسل وعدم إجزاء المسح. قال في الحجة البالغة: ولا عبرة بقوم تجارت بهم الأهواء فأنكروا غسل الرجلين متمسكين بظاهر الآية فإنه لا فرق عندي بين من قال بهذا القول وبين من أنكر غزوة بدر وأحد مما هو كالشمس في رابعة النهار. نعم من قال بأن الاحتياط الجمع بين الغسل والمسح أو أن أدنى الفرض المسح وإن كان الغسل مما يلام أشد الملامة على تركه فذلك أمر يمكن أن يتوقف فيه العلماء حتى تنكشف جلية الحال انتهى. قلت: ويدفعه ما تقدم من الدليل على عدم إجزاء المسح والجمع بينه وبين الغسل فلا فائدة للتوقف في ذلك مع الكعبين أي مع القدمين للآية هما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم، فالكلام في ذلك كالكلام في المرفقين، ولكنه لم يثبت في غسلهما عنه ﷺ مثل ما ثبت في المرفقين، وإذا تقرر أنه لا يتم الواجب إلا بغلسهما ففي ذلك كفاية مغنية عن الاستدلال بدليل آخر. وله المسح على الخفين ويشترط في المسح عليهما أن يكون أدخل رجليه فيهما وهما طاهرتان. قال الشافعي رح: يشترط كمال الوضوء عند اللبس، وقال أبو حنيفة رح: عند الحدث ومسح أعلى الخف فرض ومسح أسفله سنة عند الشافعي رح، وقال أبو حنيفة رح: لا يمسح إلا الأعلى. وبالجملة: فوجهه ما ثبت تواترًا عن النبي ﷺ من فعله وقوله، وقد قال الإمام أحمد رح: فيه أربعون حديثا، وكذلك قال غيره وقال ابن أبي حاتم رح: إنه رواه عن النبي ﷺ من الصحابة رض١ أحد وأربعون رجلا، وقال ابن عبد البر رح: أربعون رجلا. وقال ابن منده: إن الذين رووه من الصحابة رضي الله تعالى عنهم عن النبي ﷺ ثمانون رجلا، ونقل ابن المنذر عن ابن المبارك رح أنه قال: ليس في المسح على الخفين عن الصحابة ﵃ اختلاف لأن كل من روى عنه منهم
_________
١ اختصار ﵁.
1 / 41