عورض بما هو أرجح منه فلا شك أنه يتعين العمل بالأرجح فإن عورض بما يساويه فالأصل عدم التعبد بما يتضمن ذلك الحكم حتى يرد موردًا خالصًا عن شَوْب المعارضة أو راجحًا على ما عارضه.
وبالجملة: فالواجب على المنصف أن يقوم مقام المنع ولا يتزحزح عن هذا المقام إلا بحجة شرعية قال في سبل السلام: والحق أن الأصل في الأعيان الطهارة وأن التحريم لا يلازم النجاسة فإن الحشيشة محرمة طاهرة وكل المخدرات والسمومات القاتلة لا دليل على نجاستها، وأما النجاسة فيلازمها التحريم فكل نجس محرم ولا عكس وذلك لأن الحكم في النجاسة هو المنع عن ملامستها على كل حال فالحكم بنجاسة العين حكم بتحريمها بخلاف الحكم بالتحريم فإنه يحرم لبس الحرير والذهب وهما طاهران ضرورة شرعية وإجماعًا، إذا عرفت هذا فتحريم الحُمُر والخمر الذي دلت عليه النصوص لا يلزم منه نجاستها بل لا بد من دليل آخر عليه وإلا بقيا على الأصول المتفق عليها من الطهارة فمن ادعى خلافه فالدليل عليه انتهى. وقد أوضح الماتن في مصنفاته كشرح المنتقى ووبل الغمام حاشية شفاء الأوام هذه المباحث المتعلقة بالنجاسة ما لا يحتاج الناظر في ذلك إلى النظر في غيره فليرجع. .
فصل "ويطهر ما يتنجس بغلسه" أي بإسالة الماء عليه ثم إن ورد فيه شيء عن الشارع كان الواجب الاقتصار في صفة التطهير على ذلك الوارد من دون مخالفة بزيادة عليه أو نقصان عنه كما ورد في أن النعل إذا تلوث بالنجاسة طهر بمسحه وقد تقدم ما يدل على ذلك وتقدم أيضا ما ورد في كيفية تطهير ما ينجس بدم الحيض وبلعاب الكلب. وبالجملة: فكل ما علمنا الشارع كيفية تطهيره كان علينا أن نقتصر على تلك الكيفية، وأما ما ورد فيه عن الشارع أنه نجس ولم يرد فيه بيان كيفية تطهيره فالواجب علينا إذهاب تلك العين حتى لا يبقى لها عين ولا لون ولا ريح ولا طعم؛ لأن الشيء الذي يجد الإنسان ريحه أوطعمه قد بقي فيه جزء من العين وإن لم يبق جرمها ولونها إذ انفصال الرائحة لا يكون إلا عن وجود شيء من ذلك الشيء الذي له الريح وكذلك وجود الطعم لا يكون إلا عن وجود شيء من ذلك الشئ الذي له الطعم. "والنعل بالمسح" وكذلك
1 / 21