وتوفيت أم كلثوم سنة تسع من الهجرة في حياته صلى الله تعالى عليه وسلم، وصلى عليها رسول الله ونزل [في] حفرتها علي ﵁ وأسامة بن زيد ﵁، وذكر في شرح ذات الشفاء: أنا أبا طلحة الأنصاري استأذن قال لأصحابه: "هل منكم أحد لم يقارف ذنبًا؟ " فقال أبو طلحة: أنا فأمره فنزل لحفرتها، وغسلتها أسماء بنت عميس، وصفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وشهدت أم عطية وحكت قوله ﷺ: "اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن " قالت ليلى الثقفية: كنت فيمن غسلنها، فأول ما أعطانا النبي من كفنها الحقو، أي الإزار، ثم الدرع، ثم الخمار ثم الملحة، ثم أدرجت في الثوب الأكبر، ورسول الله ﷺ خلف الباب يناولنا.
وذكر في التبيين: أن رسول الله ﷺ دعا على عتيبة بن أبي لهب فقال: "سلط الله عليك كلبًا من كلابه" فخرج في تجارة إلى الشام، فلما كان في أرض مسبعة تذكر دعاءه، ﷺ فنضد الحمول ودخل وسطها فإذا بأسد مقبل، فلم يقدر الركب دفعه، ووثب عليه، فافترسه.
وذكر في كتاب البستان: لما زوج ﷺ رقية لعثمان وأقامت عنده إلى أن ماتت فزوجه أم كلثوم، ولهذا سمي ذو النورين.
[٤١]
أم معبد عاتكة بنت خالد الخزاعية
كانت من الأجواد.. وكانت تطعم وتسقي من يمر بها، ولما هاجر ﷺ من مكة إلى المدينة، وكانت سنة جدبة وكان معه الصديق وعامر بن فهيرة، فمروا في طريقهم بقديد على أم معبد، فطلبوا منها لبنًا، ولحمًا يشترونه فلم يجدوه، فنظر إلى شاةٍ خلفها الجهد عن الغنم فسألها ﷺ "هل بها من لبنٍ؟ " فقالت: هي أجهد من ذلك، فاستأذنها في حلبها، فقالت: نعم فدعا ومسح ضرعها وسمى بالله تعالى، فدرت وسقى القوم حتى رووا ثم شرب ﷺ ثم حلب ثانيًا عللًا بعد نهل، وتركوها، وذهبوا فجاء زوج أم معبد واسمه أكثم، وقيل: خنيس، وقيل: عبد الله فأخبرته الخير فقال: هذا صاحب قريش لو رايته لأتبعته، وذكر "في شرح ذات الشفاء": روى أو نعيم وغيره أن الشاة بقيت عندهم يحلبونها ليلًا ونهارًا إلى زمان عمر ﵁ وأسلمت أم معبد ﵂ وأخوها حبيش بن الأشعر، واستشهد يوم الفتح: وقيل: إن زوج أم معبد لحق برسول الله ﷺ وبايعه ورجع إلى بيته ولقيهما الزبير رضي الله نه عائدًا إلى مكة فكساها ثيابًا بيضاء.. توفيت أم معبد في خلافة الفاروق، وفي كلام ابن الجوزي إنها أسلمت وهاجرت وكذا زوجها.
[٤٢]
هند بنت عتبة
زوجة أبي سفيان وهي أم معاوية ﵂ وكانت تعرف بآكلة الأكباد لأنها كانت مع الكفار في وقعة أحد فاجتمعن مع نساء قريش لما التحم القتال فقامت هند في النسوة اللاتي معها، وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويقلن:
ويهًا [بني] عبدَ الدارِ ... ويهًا حماةِ الأدبارِ
ضربًا بكل بتَّارِ
وكان ﷺ إذا سمع ذلك يقول: اللهم بك أحول، وبك أصول، وفيك أقاتل حسبي الله ونعم الوكيل، ولما تل حمزة رضي اله عنه وكسرت رباعيته وشج وجهه، مثلت هند وصاحبها بقتلى المسلمين، فجذعن آنافهم وآذانهم، واتخذن منها قلائد، وبقرت هند بن حمزة، ﵁، وأخرجت كبده فمضغته ولفظته، وقيل: إنها شوته وأكلته وكان يقال لها: آكلة الأكباد، ثم أسلمت بعد ذلك، وما كان الله ليعذبا بعد أ، تابت من كفرها، وإن كان ما فعلته عند الله ورسوله عظيم، وأشرفت هند على الجيل، وأنشدت أبياتًا، وكذلك فعل زوجها سفيان أشرف على الجبل ونادى: أنعمت فعال، إن الحرب سجال مرة لنا ومرة علينا، يم أحد ليوم بدر، ثم نادى أبو سفيان: أعل هبل أي اظهر دينك، فقال: صلى الله تعالى عليه وسلم لعمر: قم فأجبه، فقل: الله أعلى وأجل لا سواء، قتلانًا في الجنة في النار، فقال أبو سفيان: إنكم تزعمون ذلك لقد خبنا إذا وخسرنا، ثم قال: إن لنا العزى ولا عزى لكم فقال: ﷺ "الله مولانا ولا مولى لكم".
1 / 60