وذكر في (السيرة): لما مات إبراهيم غسله الفضل بن العباس، ونزل على قبره هو وأسامة، وجلس ﷺ على شفير القبر، ورش على قبره ماء، وعلم على قبره بعلامة وخبر لم يصل عليه منكر بنص الإمام أحمد، والصحيح انه صلى عليه وكسفت الشمس يوم موته فقال قائل: كسفت له، فقال ﷺ: "ولا تكسف لموت أحد ولا لحياته" وقال ﷺ عند دفنه: الحق بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون، وروي أنه، قال: لو عاش إبراهيم لوضعت عنه ف أن يضع الجزية عن أهل بلدة مارية، وهي مدينة حفنة، من قرى الصعيد، فعل معاوية رعاية لحرمتهم، وذكر في (شرح ذات الشفاء): أنه كان ﷺ معجبًا بمارية لأنها كانت بيضاء جميلة، وغارت نساؤه، ومنها لما جاءت بإبراهيم ﵇، وكان معها ابن عمها يقال له مأبور كان محبوبًا وكان يأتي إليها فاتهمها به المنافقون، فأمر ﷺ عليا ﵁ بقتل مأبور، وأمر مر ﵁ وبعثه ليقتله، فكشف مأبور نفسه فإذا هو محبوب.
ونزل جبرائيل ﵇ ببراءتها ونزاهتها، وبشره بإبراهيم، وأمره عن ربه تعالى بتسميته بإبراهيم، ومأبور مات نصرانًا وقيل: أسلم.
وتوفيت مارية في خلافة عمر سنة ست عشرة، وشهد عمر جنازتها وصلى عليها، ودفنت بالبقع.
[٣٧]
زينب ﵂
بنت النبي محمد ﷺ وأمها خديجة الكبرى، وهي ثاني أولاده ﷺ ولدت بعد القاسم ﵇ مولدها سنة ثلاثين من مولده ﷺ زوجها قبل البعثة لأبي العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس فلما بعث ﷺ كلفه قومه فراقها فأبى، وكان يحبها ويحسن إليها، وقد أثنى عليه النبي، صلى لله تعالى عليه وسلم فقال: "إن أبا العاص حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي" وولت له زينب ﵂، عليًا وأمامة وهي التي كان يحملها صلى الله تعالى عليه وسلم، في صلاته ثم خرجت زينب من مكة مهاجرة إلى المدينة لما امتنع زوجها من المهاجرة، وأرسل معها ابن عمه كنانة بن عدي إلى المدينة، فعرض لهم رجال من قريش وهي راكبة على ناقتها، فخوفوها ودفعوها على صخرة، فوقعت زينب رضي الله تعالى عنها واهراقت الدماء، وتمرضت وقدمت إلى المدينة ولم يزل بها مرضها إلى أن ماتت وثم قدم زوجها ابن العاص وأسلم فردها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، بالنكاح السابق في أصح الروايات، وقيل: بنكاح جيد، وكان صلى اله تعالى عليه وسلم يردف ولدها عليًا خلفه يوم الفتح، وتزوج علي رضي الله تعالى عنه بنتها أمامة بعد خالتها فاطمة رضي الله تعالى عنها، وقتل عنها فتزوجها المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب.
وذكر العلامة سعدي جلبي، أنه أجمع أهل السير على أن أولاده: القاسم، ثم زينب، ثم رقية، ثم فاطمة، ثم أم كلثوم، ثم ولد في الإسلام عبد الله فسمي الطيب الطاهر وكلهم من خديجة، رضي الله تعالى عنها، ثم ولد إبراهيم من مارية وقد نظموه:
فأولَّ ولدِ المصطفى القاسمُ الرضا ... بهِ كنبةُ فافهمْ وحصلا
وزينب تتلوهُ، ورقيةُ بعدها ... وفاطمةُ الزهراءُ جاءتْ على الولاَ
كذا أمُّ كلثومٍ تعددَ بعدها ... في الإسلامِ عبدُ اللهِ جاءَ مكملًا
هو الطَّيبُ الميمون والطاهرُ الرضي ... وقد جاء إبراهيم في طيبةَ تلا
من المرأةِ الحسناءِ مارية فقلْ ... عليهم سلامُ الله مسكًا ومندلًا
وتوفيت زينب رضي الله تعالى عنها، في المدينة سنة ثمان ودفنت بالبقيع.
[٣٨]
رقية رضي الله تعالى عنها
1 / 57