من مات من نسائه ﷺ بعده، وتوفيت زينب رضي لله عنها سنة عشرين عام فتحت مصر، وقيل: سنة إحدى وعشرين ولها من العمر ثلاث وخمسون سنة، وقيل: إنها غير أم المساكين كما مر، والله أعلم.
[٣٢]
أم المؤمنين صفية ﵂
بنت حيي بن أخطب سيد بن النضير، قتله النبي ﷺ مع بني قريظة، وسبى صفية يوم خيبر، وكانت عند إسلام بن مشكم، وكان شاعرًا ثم خلف عليها كنانة بن [الربيع بن] أبي الحقيق، وكان أيضًا شاعرًا، وكان، اسمها زينب فلما تزوجها ﷺ سماها صفية، ولما توجه النبي ﷺ إلى فتح خيبر فابتدأ بحصون النطاة، وفتح منها حصن ناعم ثم حصن الصعب، وثم حصن قلة ثم حصن القموص ومنه سبيت صفية ثم حصن الوطيح، وثم حصن السالم، ولما جمع السبي جاء دحية الله عنه فقال: أعطني جارية من السبي: فقال له ﷺ "اذهب فخذ جارية" فذهب وأخذ صفية، فقيل: يا رسول الله إنها سيدة قريظة والنضير فما تصلح إلا لك! فقال ﷺ خذ غيرها، واصطفاها ﷺ لنفسه، ثم أعتقها، وجعل عتقها صداقها، وحجبا وألم عليها بتمر وسويق وقسم لها وصارت إحدى أمهات المؤمنين، وذلك في سنة سبع وذكر في "شرح ذات الشفاء" أنه ﷺ دخل يومًا على صفية وهي تبكي فقال: مالك؟ قالت: عائشة وحفصة تنالان منين وتقولان: نحن خير منك، نحن بنات عم رسول الله وأزواجه، فقال لها: "ألا قلت لهما كيف تكن خيرًا مني وأبي هارون وعمي موسى ووجي محمد" وكانت ﵂ عاقلة، فاضلة، حليمة، وذكر في المصابيح قال أنس رضي الله قد بلغ صفية أن حفصة، ﵂ قالت: بنت يهودي، فبكت، فدخل عليها النبي ﷺ، وهي تبكي فقال: ما يبكيك؟ فقالت: قالت لي حفصة: إني بنت يهودي، فقال النبي ﷺ "إنك لابنة نبي أي إسحاق ﵇ وإن عملك لنبي يعني إسماعيل ﵇ وإنك لتحت نبي فبم تفخر عليك" ثم قال: اتقي الله يا حفصة.
ومن كمال فضلها ما ذكره أهل السير، أن جارية لها جاءت لعمر، ﵁، فقالت: إن صفية تحب السبت وتصل اليهود، فبعث إليها عمر ﵂ فسألها، فقالت: أما السبت فإني لا أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة، وأما اليهود فإن لي فيهم رحمًا فأنا أصلها، ثم قالت للجارية: ما حملك على ما صنعت، قالت: الشيطان، قالت: اذهبي فأنت حرة، وعن جابر ﵁: أن النبي ﷺ أتى بصفية يوم خيبر وقد قتل أبوها وزوجها، فقال لبلال: خذ بيد صفية فأخذ بيدها بين القتلى، فكره ذلك رسول الله ﷺ حتى رؤى في وجهه، ثم قام فدخل عليها فنزعت شيئًا تحتها فألقته لرسول الله ﷺ اصطفاها ﷺ لنفسه فأسلمت وأعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها، وذكر في "شرح ذات الشفاء" ن صفية ﵂ كان اسمها زينب، فلما صارت من صفي رسول اله سميت صفية، والصفي ما كان يصطفيه لنفسه ﷺ من الغنيمة قبل أن تقسم ويروى أنه ﷺ رأى في وجهها أثرًا فسألها عنه، فقالت: رأيت أن القمر دفع في حجري، فذكرت لأبي أو لزوجي كنانة، فضرب وجهي ضربة أثرت فيه ذلك الأثر، وقال: لتمدن عنقك إلى أن تكوني عند ملك العرب.
وتوفيت صفية ﵂ في شهر رمضان سنة خمس وخمسين، أو اثنتين وخمسين في خلافة معاوية ﵁ ودفنت بالبقيع، وتركت مالًا قيمته ألف درهم من أرض وعرض، وأوصت لابن أختها، وقيل: ابن أخيها، وكان يهوديًا، بثلاثين ألفًا أو بثلث ما تركت.
[٣٣]
أم المؤمنين جويرية ﵂
1 / 53