زوجة عمران أم موسى ﵇ وكان عمران من وزراء فرعون واسمه الوليد بن مصعب، وكان قد أخبره المنجمون أن زوال ملكه على يد فتى من بني إسرائيل، فجعل فرعون يقتل الأطفال، حتى قتل سبعين طفلًا، وكان يعذب الحوامل حتى يسقطن حملهن، ولما حملت أم موسى ﵇ به، أخبر المنجمون فرعون بحمله، فشدد فرعون على نساء بني إسرائيل، فأمر القوابل أن يطفن على نساء بني إسرائيل ففعلن، ولم يدخلن بيت عمران لقربه من الملك ولما تم حملها، وجاءها الطلق ليلًا، فولدت موسى ﵇ وفرحت به فرحًا عظيمًا، وأخفت أمرها مخافة من فرعون، فكانت ترضع موسى ﵇ وتضعه في تنور ولم تعلم له أخته كلثم، واستمرت على ذلك أيامًا، فاتفق يومًا، خرجت لبعض شأنها، وجاءت كلثم أخت موسى ﵇ وسجرت التنور لتخبز فيه، ولم تعلم أن موسى ﵇ فيه، وقد بلغ فرعون ولادة موسى ﵇ من بعض القوابل، فبعث فرعون هامان والرايات معه فدخل دار عمران، ودور جميع الدار فلم ير لموسى ﵇ أثرًا، والتنور يسجر، ثم خرج من دار عمران، وأقبلت أم موسى عليه ورأت أعوان فرعون قد خرجوا من بيتها، فخافت على نفسها وعلى موسى ﵇ وكادت أن تموت من الغم، فدخلت في سرعة، وأقبلت إلى التنور، فرأته يشتعل بالنار، فلطمت وجهها وقالت: ما نفعني الحذر! والتمست موسى ﵇ فوجدته سالمًا، فأخرجته من التنور وأرضعته، وتمرض أبوه عمران ومات، وقد صار لموسى عليه السلم من العمر أربعون يومًا، فخافت على موسى من فرعون، فأوحى الله إليها، وذلك قوله تعالى: (وأوحينا إلى أمِّ موسى أنْ أرضعيهِ فإذا خفتِ عليهِ فألقيهِ في اليمِّ ولا تخافي ولا تحزني إنَّا رآدُّوه إلي وجاعلوهُ منَ المرسلينَ (.
وقيل: ألقى الله في قلبها، فوضعته في صندوق وأحكمنه لئلا يدخل إليه ماء فيغرق، فألقته في النيل ليلًا، ولم يعلم بها أحد، فسار الصندوق على وجه الماء، ودخل إلى دار فرعون، فرأته آسية بنت عم موسى ﵇ وهي زوجة فرعون، فأمرت بإخراجه، فجملوه إليها، ففتحت الصندوق، ووجدت فيه موسى ﵇ فحملته إلى فرعون وأخبرته بالخبر، فهم فرعون بقتله، فقالت له آسية قوله تعالى: (... قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا ... (، ولم يكن لفرعون ولد من آسية، ولم تزل به آسية حتى تركه وسموه موسى ومعنى مو: الماء، ومعنى سا: الشجر، وعرضت آسية القوابل على موسى ﵇ فأبى إرضاعه، وكانت أخت موسى كلثم قد تبعت الصندوق حتى إلى دار فرعون ودخلت مع المراضع وذلك قوله تعالى: (وقالتْ لأختهِ قصِّيهِ فبصرتْ بهِ عنْ جنبٍ وهمْ لا يشعرونَ (وحرَّمنا عليهِ المراضعَ منْ قبلُ فقالتْ هلْ أدلُّكمْ على أهلِ بيتٍ يكفلونهُ لكمْ وهمْ لهُ ناصحونَ (فقالت آسية: نعم، فرجعت كلثم وأخبرت أمها، فقدمت ودخلت على آسية، فوضعت موسى ﵇ في حجرها وأعطته ثديها، فرضع، وأقامت ترضعه إلى أن كبر وفطمته من الرضاع وماتت أم موسى ﵇.
وذكر في كتاب "خواص القرآن": قوله تعالى: (وأوحينا إلى أمِّ موسى أنْ أرضعيهِ (إلى قوله: (منَ المرسلينَ (إذا كتبت في ورقة وعلقت على امرأة قد قل حليبها، در ثديها وكثر حليبها.
وقيل: إذا تليت هذه الآية سبع مرات على سبع من الزبيب الأسود على واحدة سبع مرات، وأطعمت لمن قل حليبها أكثر بإذن الله تعالى ببركة هذه الآية الشريفة.
وذكر في كتاب "كشف الأسرار": ما الحكمة في إلقاء موسى ﵇ في اليم؟ قيل: لان المنجمين إذا ألقي شيء في الماء يخفى عليهم أمره، فأراد الله أن يخفى على المنجمين حال موسى حتى لا يخبروا به فرعون، وأراد أيضًا أن يبين لأمه حفظه، فقال: ألقيه في التلف لأنجيه بالتلف من التلف. وقال أيضًا: سلميه إليَّ صبيًا أسلمه لك نبيًا، وأيضًا: فكما مجاه في البحر في الابتداء، كذلك أنجاه في الانتهاء، وأغرق فرعون في البحر.
وعن ابن عباس ﵁: إنما سمِّيَ موسى لأنَّهُ ألقي بينَ شجرٍ وماءٍ، فالماءُ بالقبطيَّةِ "مو"، والشجرُ "سا".
وقال الثعلبي: عاش موسى ﵇ مائة وعشرين سنة.
1 / 4