أقول هذا ولا أغفر لبني خئولتي - وهم أحفاد المروءة والهمة - تقاعدهم عن البر بذكرى مفخرتهم، وتاج رأسهم، وولي نعمهم. وإذا كنت تعتب، يا أستاذنا، على أحدهم؛ لأنه تراجع «لأسباب ما نزال نجهلها، وقد تكون صوابا» عما وعد به من مساعدة مالية للجنة اليوبيل؛ فاعلم أنه يبعد في نسبة ثماني درجات عن حجة اللغة،
4
وأن لأحمد أقربين هم أولى به منه، ناهيك بأن متبرعنا الكريم «الراجع عن غيه» مغترب ناء عن ذويه لم ينعم مثل معظمهم بالمكانة التي خلقها منشئ «الجوائب» لآل الشدياق في وطنهم، ولم يستغل ظروفها ... وإنما وصل إلى بسطة العيش بجده واجتهاده.
ولو شاء القدر لظل في بني الشدياق نوحهم الذي كان وحده يصلح لأن يحمل اسم نديم الملوك، ويرثه ويرث مجده، ويفيء على مواطنيه بكبر فضله، وكرم يده، وبياض عمله: عنيت العلامة الألمعي، والعصامي العبقري، شيخ الفضل والأريحية، ورجل الإقدام والوطنية القس يوسف الشدياق؛ من إذا عدت الرجال في قومه عد بالقوم جميعا.
ولكن جليلنا المفضال كاهن نذر نفسه لرحمانه لا لدنياه، فاحترامه تقاليد كنيسته أوجب حجب عطفه عن ذويه، في مثل هذه الحالة وهو الرحيم بهم، والجواد عليهم في كل آن، وأن ورعه لا يشجعه على القيام «بواجب» يحن في أعماق قلبه إلى تحقيقه، ويعلم أن رجال الدين الكاثوليكي لا «يستحسنون» صدوره عن كاهن كاثوليكي، وليس على القوم من حرج ...
وإذا قصر الشدايقة في شكرك؛ فأنا معوض عنهم: بارك الله بنبل وفائك يا أستاذ، واعذرني على فقري في التعويض؛ فلا خيل عندي ولا مال، ولا أقل من الدعاء من الأعماق بطول بقائك دعاء صادقا ليس فيه من بضاعة أصحابنا ... الداعين لجميع الناس، وفي جميع المناسبات ...
ولو أتيح لي شرف الانتساب إلى أدبك الخطير، وكنت صفحة صغيرة على «توراته المشلعة»؛ لحق لي أن أقترح على حملة الأقلام مبايعتك خلافة أحمد، فأنت فيهم - كما كان الإمام في زملائه - الفارس الذي لا يشق له غبار.
متى ولد الفارياق؟
أما بعد هذه المقدمة اللازمة، فأرجو أن تتلطف، يا أستاذي، وتساعدني على إصلاح بعض أخطاء ترافق ترجمة الفارياق، وأولها تاريخ ولادته؛ فقد ذهب مترجموه إلى أنه ولد في عشقوت سنة 1804، والواقع أن والده لم ينتقل من الحدث إلى تلك البلدة الكسروانية التي كانت موطن أجداده إلا سنة 1805، وقد أشار شقيقه طنوس إلى ذلك بقوله: «... وسنة 1805 استدعى الأمير حسن عمر الشهابي يوسف «والد الفارياق» لخدمته، وأمره أن يتوطن في كسروان، فاشترى يوسف دار أبيه ودار الشدياق في عشقوت من بنت الشيخ صليبي الخازن ووالدتها، ورحل إليها ...»
5
অজানা পৃষ্ঠা