حالة الأئمة من آبائه عليهم السلام.
إن الذي يظهر من أحوال الأئمة الماضين عليهم السلام أنهم أبيحت لهم التقية من الأعداء، ولم يكتفوا بالقيام بالسيف مع الظهور، لعدم مصلحة في ذلك، ولم يكونوا ملزمين بالدعوة، بل كانت المصلحة تقتضي الحضور في مجالس الأعداء، والخالطة لهم، ولهذا أذاعوا تحريم إشهار السيوف عنهم، وحظر الدعوة إليها، لئلا يزاحم الأعداء ظهورهم وتواجدهم بين الناس.
وقد أشاروا إلى مجئ منتظر يكون في أخر الزمان، إمام منهم، يكشف الله به الغمة، ويحيي به السنة، يهدي به الأمة، لا تسعه التقية عند ظهوره. و قد ذكر الشيخ في هذا المورد عدة من علامات الظهور. فلما ظهر ذلك من السلف من آباء صاحب الزمان عليهم السلام، وتحقق عند سلطان كل زمان وملك كل أوان، علموا من الأئمة الماضين عليهم السلام أنهم لا يتدينون بالقيام بالسيف، و لا يرون الدعاء إلى أنفسهم، وأنهم ملتزمون بالتقية، وكف اليد، وحفظ اللسان، والتوفر على العبادات، والانقطاع إلى الله بالأعمال الصالحات.
لما عرف الظالمون من الأئمة هنه الحالات: أمنوهم على أنفسهم، مطمئنين بذلك إلى ما يدبرونه من شؤون أنفسهم، ويحققوه من دياناتهم، وكفهم ذلك عن الظهور والانتشار، واستغنوا به عن الغيبة والاستتار.
لكن إمام هذا الزمان عليه السلام لما كان هو المشار إليه بسل السيف، والجهاد لأعدائه، وأنه هو المهدي الذي يظهر الله به الحق، ويبيد بسيفه الضلال، كان الأعداء يترصدونه، ويبغون قتله، ويطلبون قتله وسفك دمه.
وحيث لم يكن أنصاره متهيئين إلى وقت ظهوره، لزمته التقية، وفرضت عليه الغيبة، إذ لو ظهر بغير أعوان لألقى نفسه بيده إلى التهلكة، ولو أظهر
পৃষ্ঠা ৪