كيف أخون الإخاء يا أملي
وكل شيء أنال من سببك
إن يك جهلا أتاك من قبلي
فعد بفضل علي في أدبك
وأما صدور السلف؛ فإنما كانت من فلان بن فلان إلى فلان، كذلك جرت كتب رسول الله
صلى الله عليه وسلم
إلى العلاء بن الحضرمي وإلى أفيال اليمن وإلى كسرى وقيصر، وكتب أصحابه والتابعين كذلك حتى استخلص الكتاب هذه المحادثات من بدائع الصدور، واستنبطوا لطيف الكلام ورتبوا لكل رتبة وجروا على تلك السنة الماضية إلى عصرنا هذا في كتب الخلفاء والأمراء، وثبتوا على ذلك المنهاج في كتب الفتوحات والأمانات والسجلات، ولكل مكتوب إليه قدر، ووزن ينبغي للكاتب ألا يتجاوز به عنه ولا يقصر به دونه، وقد رأيتهم عابوا الأحوص حين خاطب الملوك بمخاطبة العوام في قوله:
وأراك تفعل ما تقول وبعضهم
مذق الحديث يقول ما لا يفعل
فهذا معنى صحيح في المدح، ولكنهم أجلوا أقدار الملوك أن يمدحوا بما يمدح به العوام؛ لأن صدق الحديث وإنجاز الوعد، وإن كان مدحا فهو واجب على كل، والملوك لا يمدحون بالفروض الواجبة، وإنما يحسن مدحهم بالنوافل؛ لأن المادح لو قال لبعض الملوك: إنك لا تزني بحليلة جارك، وإنك لا تخون ما استودعت، وأنك تصدق في وعدك وتفي بعهدك؛ كان قد أثنى بما يجب، ولكنه لم يصل بثنائه إلى مقصده. وقال: ما لا يستحسن مثله في الملوك.
অজানা পৃষ্ঠা