166

রাসাইল বুলাঘা

رسائل البلغاء

জনগুলি

ويلوح لي أن مؤلفنا قصد بتدوين هذه الرسائل معارضة «كتاب العمدة»، الذي وضعه زميله ومعاصره الحسن بن رشيق القيرواني، كما سنبينه في ترجمته، إلا أن الرسائل المعارض بها كانت أطول وأكثر مما وجدناه وأردناه هنا، يؤيد ذلك ما جاء في سياق كلام ابن شرف في مقدمته للمجلس الأول، حيث قال: «فأقمت من هذا النحو عشرين حديثا.» فالمظنون أنه يقصد بالحديث مجالسه مع الأستاذ الموهوم، الذي سماه «أبا الريان» كما اختلق الحريري في مقاماته شخص الحارث بن همام، واخترع الهمذاني عيسى بن هشام، فعسى أن يساعدني الحظ بالعثور على بقية هذا التأليف النفيس، إن كان في عالم الموجودات.

وقد احترمت في الاستنساخ الطريقة التي أتى عليها الأصل في الرسم وضبطه، إلا ما نبهت عليه أسفل المتن مع التعاليق، ولما كان الاعتراف بالمعروف فريضة، وجب علي أن أرفع شكري الخالص للكاتب البليغ، والباحث المدقق محمد بدر الدين أفندي النعساني الذي أعانني بعلومه النيرة، لإزالة بعض مشكلات النسخة التونسية، كما أقدم عبارات ودادي إلى العالم المستعرب المتمكن، صديقي الأستاذ كارلو نالينو الذي أسعفني بالحصول على صور القطعة الأندلسية، وهو لا يزال يفيدني بإشاراته العلمية وفكره الصائب فجزيا عني خير جزاء - والله ولي توفيقي به أهتدي وإليه أنيب.

تونس، حسن حسني عبد الوهاب.

ترجمة المؤلف ابن شرف القيرواني

نبغ أبو عبد الله محمد بن أبي سعيد بن أحمد بن شرف الجذامي القيرواني نحو (سنة 390ه)، من إحدى البيوتات الشريفة القادمة مع الجيش العربي الفاتح، والقيروان إذ ذاك زاهية زاهرة بالعلوم رافلة بالمعارف والفنون، فروى المعقول والمنقول عن أفاضل ذلك العصر كأبي الحسن القابسي، وأخذ الفنون الأدبية من أساتذتها: كأبي إسحاق إبراهيم الحصري القيرواني، ومحمد بن جعفر القزاز، وغيرهما، حتى برع فيها وأجاد؛ فألحقه حينئذ المعز بن باديس الصنهاجي أمير إفريقية بديوان حاشيته؛ لما رأى فيه من الذكاء والنجابة، وهناك التقى ابن شرف بجماعة من الكتاب البلغاء، والشعراء الظرفاء الذين كان يجمعهم ديوان الملك، مثل علي بن أبي الرجال الكاتب، رئيس قلم الإنشاء، وأبي علي الحسن بن رشيق صاحب العمدة، ومحمد بن حبيب القلانسي، وغيرهم.

وطبيعي أن وجود ابن شرف في مثل هذا الوسط، دعاه إلى تتبع الوجهة التي شب عليها وقوي نشاطه؛ إذ كان أولئك الأدباء الأجلاء يتسابقون في التقرب بنظمهم ونثرهم إلى الأمير؛ رغبة في العطايا الهائلة والهبات الطائلة، وحصل عن هذا التنافس والتزاحم حركة فكرية أدبية لم تر إفريقية مثلها في عصر من عصور السلطنة الإسلامية، وصارت القيروان كعبة العلم التي يحج إليها العلماء من جميع أصقاع المغرب حتى من الأندلس، وقد خصص المعز لصحبته من بين هؤلاء الزعماء المتقدمين ابن شرف هذا، وابن رشيق، فكان يلتفت تارة إلى الأول وأخرى إلى الثاني، وجرى بسبب ذلك بين هذين الأديبين مناقضات ومهاجاة رسمها كل منهما في رسائل مستقلة، ومقامات متنوعة لم يصل إلينا منها شيء - فيما نعلم.

حكى ابن شرف المترجم له في كتابه «أبكار الأفكار»، قال: استدعاني المعز بن باديس يوما، واستدعى أبا علي الحسن بن رشيق الأزدي، وكنا شاعري حضرته وملازمي ديوانه. فقال: أحب أن تصنعا بين يدي قطعتين في صفة الموز على قافية الغين، فصنعنا حالا من غير أن يقف أحدنا على ما صنعه الآخر، فكان الذي صنعته:

يا حبذا الموز وإسعاده

من قبل أن يمضغ الماضغ

قد لان حتى لا مجلس له

অজানা পৃষ্ঠা