============================================================
وسقل ابن سبعن الرحمة فيها، وقبول الأعمال بزيادة على غيرها من الأوقات لأن الله تبارك وتعالى قد مدح الذاكرين في هذين الوققين بقوله تعالى: (يمسمح كه فيها بالفذو والآصال رجال) [النور: 36 وأيضا لما كانت العشية تشعر بانقراض النهار واقبال الليل، وكأنه وقت فصل؛ وقعت الدلالة الصادقة في القبول في التبدل، والتغيير على الفاعل المحتار، إذا الفعل الواقع يدل على الفاعل، والتبدل يدل على ثبوته، فكان وقت اعتبار، ومشاهدة الفاعل في تعيين الفعل الصادر في الحال، وانقراض الآحر وذهابهه فكان من الأدلة الكاشفة للمقصود التى تفيد الاعتبار والخضوع والافتقار للفاعل المحتار، وتفيد المشاهدة والاستغراق في جلال الله الذي أذهب الفعل الحاضر، وأتى بضده إذ الليل والنهار من الأضداد التى يتبين طروؤها، وتبدلها اكثر من تبدل الأمثلة فإن تبدل النور بالنور والظلام بالظلام لا يتعين فصلها إلا بعد نظر في حقيقة العرض، وكونه لا يمكن فيه البقاء.
وتبدل الأضداد والأغيار أشد ظهورا لأنها يتعين للحس تبدلها، ويظهر حالقها بذلك فيقع الاعتبار والحضور والمشاهدة عند تعيين ذلك ولذلك كانت بعض الصوفية تستجلب أحوالها في عشية النهار حتى تغرب الشمس، وكذلك من أول الفجر الى طلوعها: وقد ندب الحق تعالى الى ذلك في مواضع كثيرة من القرآن في قوله: ومن آياء الليل فسبخ وأطراف النهار [طه: 130] .
وقوله: ( بالعشي والإنكار) [غافر: 55].
وقوله: (بكرة وأصيلا [الإنسان: 25]، فافهم.
وأيضا قد يطلق الليل باشتراك والنهار كذلك، وينب بالاستعارة، ويتصرف الى أمثلتها، وقد أحذت بذلك الصوفية، وطائفة من العقلاء ويقال: الليل الجهل لكونه بحجب حقائق الأشياء عن الجاهل، ويعى بصيرته عن ادراك المصاح والرشد، ويبه من معرفه ما يجب لله ويجوز عليه، ويستحيل في حقه.
والنهار: هو العلم بذلك كله، وادراك الفاعل على ما هو عليه، ووصفه إما بالسلب أو الايجاب، والأسحار آحر قضايا الجهل وانقراضها، وأول لوائح العلم ومقدمات البرهان، فيجب على المكلف عنه ذهاب الجهل ولوائح العلم وضع المقدمات الصادقة لرحصيل البرهان الكاشف للمطلوب، وأن يحضر ويمعن فكره في آحر المقدمات وترتيب القياس، ويستغرق في ذلك، ويتحرز من الغلط ومن الأشياء المغلطة، والأمور الإقناعية التى
পৃষ্ঠা ৫২