ইখওয়ানুস সাফার রসাইল
رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء
জনগুলি
واعلم بأن النفس إذا فارقت هذا الهيكل فلا يبقى معها ولا يصحبها من آثار هذا الجسد إلا ما استفادت من المعارف الربانية والأخلاق الجميلة الملكية والآراء الصحيحة المنجية والأعمال الصالحة الزكية المرضية المربحة، وذلك أن تبقى هذه الأشياء في النفس مصورة في ذاتها إذا كانت معتادة لها صورة روحانية نيرة بهية، كلما لاحظت النفس ذاتها ورأت تلك الصورة فرحت بها وامتلأت سرورا في ذاتها وفرحا ولذة، وذلك ثوابها ونعيمها بما أسلفت في الأيام الخالية، وأما إذا كانت أخلاقها رديئة سيئة بشعة، وآراؤها فاسدة وأعمالها موبقة، وجهالاتها متراكمة بقيت عمياء عن رؤية الحقائق، وتبقى هذه الأشياء في ذاتها مصورة صورة قبيحة سمجة، فكلما لاحظت ذاتها ونظرت إلى جوهرها رأت ما يسوءها وتريد الفرار منه، وأين المفر لها من ذاتها؟!
فاعتبر يا أخي ما ذكرت لك، ولا تغتر بما أنت فيه من رغد العيش وصحة البدن وعشرة إخوان لك جسدانيين وأصدقاء جسمانيين، يريدونك لمعاونتهم على إصلاح أحوال أجسامهم، فإن قصرت عن معاونتهم أبغضوك، وإن تجلدت عليهم جحدوك، وإن علوتهم حسدوك، وإن قصر حالك شمتوا بك، ولا يريدونك إلا لصلاح ونجاح أمورهم وحوائجهم، فهلم يا أخي إلى صحبة إخوان لك نفسانيين، وأقران لك روحانيين يريدونك، ولا يأخذون منك، ويخلصونك مما وقعت فيه بأن تدخل في صحبتهم وتسمع أقاويلهم لتفهم مذاهبهم، وتنظر في كتبهم وتعرف طريقتهم وعلومهم، وتعمل بسنتهم، وتسير بسيرتهم؛ لعلك تنجو بصحبتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون.
(تمت رسالة السماء والعالم، ويتلوها رسالة الكون والفساد.)
الرسالة الثالثة من الجسمانيات الطبيعيات في بيان الكون والفساد
بسم الله الرحمن الرحيم
@QUR011 الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون
(1) فصل في بيان الكون والفساد
اعلم أيها الأخ البار الرحيم - أيدك الله وإيانا بروح منه - أنه لما فرغنا من ذكر الأجسام الفلكية وبينا كمية أكرها وكيفية نظامها ومقادير أبعادها واختلاف دورانها وسرعة حركاتها وماهية طبائع جواهرها في الرسالة الملقبة بالسماء والعالم ، نريد أن نذكر في هذه الرسالة الملقبة بالكون والفساد الأجسام الطبيعية التي دون فلك القمر، وكمية عددها، وكيفية نظامها، واختلاف طبائعها، وكيفية استحالة بعضها إلى بعض بتأثيرات الأجسام الفلكية فيها، وكمية الأجناس الكائنات المتولدة منها.
واعلم أيها الأخ - أيدك الله وإيانا بروح منه - أن الأجسام التي تحت فلك القمر سبعة أجناس؛ أربعة منها هي الأمهات الكليات، وهي: النار والهواء والماء والأرض، وثلاثة هي المولدات الجزئيات، وهي: الحيوان والنبات والمعادن، فلنبدأ أولا بوصف الأمهات الكليات، فنقول: إن الأمهات كل واحدة منها مركبة من هيولى وصورة، فهيولاها كلها هو الجسم، وصورها هي التي بها تنفصل كل واحدة منها عن الأخرى، وهي الصورة المقومة لذات كل واحدة منها، ولما كانت الصورة نوعين مقومة ومتممة احتجنا أن نصفهما ليعرف الفرق بينهما، فنقول إن الصورة المقومة لذات الشيء هي التي إذا فارقت هيولاها بطل وجدان ذلك الشيء، والصورة المتممة هي التي تبلغ الشيء إلى أفضل حالاته التي يمكنه البلوغ إليها، وإذا فارقت هيولاها لم يبطل وجدان الهيولى، مثال ذلك: السكون والحركة فإنهما إذا فارقا الجسم لا يبطل وجدان الجسم، وأما الطول والعرض والعمق فإذا فارقت الهيولى يبطل وجدان الجسم.
واعلم يا أخي أن كل صورة مقومة لذات الشيء تتلوها أخرى متممة، وكل صورة مقومة فاعلة لأخرى تابعة لها يتلو بعضها بعضا، كما يتلو العدد أزواجه أفراده، وأفراده أزواجه بالغا ما بلغ، مثال ذلك: الصورة المشاكلة في جرم النار المقومة لذاتها فهي حركة الغليان، والصورة المتممة التابعة لها هي الحرارة، وتتلوها اليبوسة، ويتلوها تماسك الأجزاء، فلولا رطوبة الهواء المحيطة بالنيران التي تمنعها أن تفرط في اليبوسة، لتماسكت أجزاؤها، وجفت كما تجف نار الصاعقة، ولكن لو أصابها اليبس والجفاف لقل الانتفاع بها، وهو الغرض الأقصى منها.
অজানা পৃষ্ঠা